( قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِم مُّعْرِضُونَ ) تأملت وأنا أقرأ هذه الآية في هذا السؤال الذي أُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسأله المعاندين الكافرين ( مَن يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ ) ؟ مَن يحرسكم ؟ مَن يفعل بكم ذلك من دون الرحمن ؟ لا أحد يملك الأمن ويهبه سوى الله عز وجل ولا يهب الله عز وجل الأمن بمفهومه العام والشامل إلا للمؤمنين به ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ) ولما نزلت : ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ ) شقّ ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : أينا لا يظلم نفسه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه : ( يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) . رواه البخاري ومسلم . وقد وعد المؤمنين بالأمان فقال : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) فهذا أمن المؤمنين ولا يتم الأمن إلا بهذين النوعين ومتى ما كانت أجهزة الأمن هي مصدر خوف فاعلم أن الأمن قد اختل أو اضطرب أو ضعف في أقل الأحوال فالأمن الاجتماعي مطلب للجميع ، وقد يتحقق للمسلم والكافر فليس الأمن أن تأكل أو تنام وأنت قرير العين ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) كل هذا مما يتحقق به الأمن الشامل وقال رسوله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه جل وعلا قال : وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين وأمنين ؛ إذا خافني في الدنيا أمّنته يوم القيامة ، وإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة . رواه ابن حبان . وأما المؤمنون بالله جل جلاله فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ) فلا يحزنون على هذه الدنيا ، ولا يحزنون عند مفارقتها ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) قال مجاهد : ( أَلا تَخَافُوا ) مما تقدمون عليه من الموت وأمر الآخرة ( وَلا تَحْزَنُوا ) على ما خلفتم من أمر دنياكم من ولد وأهل ودَين مما استخلفكم في ذلك كله . اهـ . ولا هم يحزنون في الآخرة بل لا يسمعون ما يُزعجهم ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) لا يسمعون من التّحايا إلا ما يسرّهم ( لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا * إِلا قِيلا سَلامًا سَلامًا ) ذلك أنهم استقاموا على الطريق المستقيم في الحياة الدنيا ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) تحقق لهم الأمن الأخروي الذي لا يعدله شيء فبقدر ما يُحقق الأيمان يكون الأمن في الأوطان ولا ريب أن بلاد الكفّار اليوم تشكو من ضعف الأمن فليس مظهر الأمن فيها أن لا تُقطع يدك لأجل ما تلبس فيها من ساعة ! ولا زلت أذكر أحد المسلمين المغتربين في بلد أوربي وهو يقول : السير ليلة الأحد مُجازفة ! ومسلم تزوّج بامرأة أوربية تستدعيه سُلطات الأمن بين حين وآخر ليُكرر له السؤال : أحدهم سأل مجموعة من الجنود الأمريكان : ما أكثر شيء لفت أنظاركم في بلادنا ؟ ومِن الحق ما شهدت به الأعداء !! إن معدلات الجريمة في بلادهم بازدياد مستمر وسألت غير واحد ممن كان وقع فترة في شِراك المخدِّرات عما كان يجده سابقا ، فكانوا جميعا يقولون : نشعر ب الخوف !سألت : من أي شيء ؟ فيا رب آمِنّـا في أوطاننا مما راق لي دمتم بحفظ الرحمن
|
ودي لكم
جزاك الله خيرا اخى الكريم
وجعله الله فى ميزان حسناتك
ما شاء الله بارك الله فيك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا اخى الكريم وجعله الله فى ميزان حسناتك |
يسآـموٍ خيتوٍ
جزاك الله خيرا وسلمت يداك ع الطرح الرائع والموضوع القيم
وًدىْ