بين الخير والشر

عن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه ، قال : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركنى ، فقلت : يا رسول الله ، إنا كنا فى جاهلية وشر فجاءنا الله بالخير ، فهل بعد هذا الخير شر ؟. قال: نعم : قلت وهل بعد هذا الشر خير ؟ . قال : نعم وفيه دَخَن .قلت : وما دخنه ؟. قال : دعاة أبواب جهنم ، من أجابهم إليها قذفوه فيها . قلت : يارسول الله ، صفهم لنا . قال :هم من جلدتنا ، ويتكلمون بألسنتنا . قلت : يا رسول الله ، فما تأمرنى إن أدركنى ذلك ؟. قال : تلزم جماعة المسلمين وإمامهم . قلت : فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام ؟ . قال : فاعتزل تلك الفرق كلها ، ولو تعض بأصل شجرة ، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك . (رواه البخارى )
من شأن العاقل اللبيب أن يتعرف إلى الخيرويتمسك به ، وأن يتبين الشر ليحذره ويتجنبه ، وإذا لم يعر ف الإنسان الشر فإنه يكون عرضة للوقوع فيه بسبب جهله له ، وإذا كان هناك طلاب للخير يسألون عنه ، ويتعرفون مواطنه ، فإنه ينبغى أن يكون إلى جوارهم آخرون يحذرون الشر بعد أن يحددوا أماكنه .
يراد بالجاهلية : هنا الخروج عن صراط الحق والعدل والخير، إلى الباطل واإلإنحراف والشر .
الخير : هو مافيه نفع طيب ، خاص أو عام ، والمراد بالخير هنا : إستقامة الحال وتجنب الاثام ، والدخن : بفتح الدال والخاء يراد به الشر العارض .
دعاة إلى أبواب جهنم : دعاة إلى الشرورالتى يذيعها هؤلاء المفسدون :التحلل الأخلاقى ، والتفكير الإلحادى ، والتهتك النسائى ، وإرتكاب الكبائر ، وتضييع الحدود والفروض والواجبات ، وعبادة الدنيا بما فيها من شهوات وملذاشت …….إلخ .هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ، معنى ذلك أنه منا أى من أنفسنا وعشيرتنا وهم من أهل لساننا العربى أو يتكلمون بأسلوب كأسلوبنا .
ولو أن تعض بأصل شجرة : اى الإستمساك بالإعتزال للفتن والتجنب للضلالات .
ويؤخذ من هذا الحديث عدة أمور منها : وجوب إتباع الخير بعد معرفته ، وتجنب الشر بعد معرفته ، ووجوب لزوم الجماعة والطاعة لولى الأمر الشرعى، وتحريم الخروج على الأئمة حتى ولو وقع منهم خطأ يسير، والعزلة إذا حدثت فتنة عامة ، ولم يكن هناك إمام ، وذم البدعة ، والدعوة إلى الإهتداء بالسنة ، والحث على عدم الإغترار بحال الدنيا .
نسأل الله العفو والعافية فى الدين والدنيا ، والسلامة فى الأولى والآخرة .

لسان الايمان والتوعيه والنصيحة