من الأُمور التي ينبغي للحجّاج الكرام الالتفات إليها، هو أنّ مكة المكرّمة والمشاهد المشرفة مرآة تعكس الوقائع الكبرى لنهضة الأنبياء والإسلام ورسالة الرسول الأكرم. فكلّ بقعة من هذه الأرض تمثل محلاً لإقامة الأنبياء العظام ومهبط جبرائيل الأمين، وتذكّر بالمعاناة والآلام التي تحملها الرسول الأكرم (ص) لسنوات طوال في سبيل الإسلام والإنسانية.
ومن هنا فإنّ الحضور في هذه المشاهد المشرفة والأماكن المقدسة، واستضحار الظروف العصبية التي رافقت بعثة الرسول، يعرّفنا أكثر بمسؤولياتنا في المحافظة على معطيات هذه النهضة والرسالة الإلهية، وبمدى صبر ومقاومة واستقامة الرسول الأكرم (ص) وأئمّة الهدى بدافع الحفاظ على دين الحق ودحض الباطل؛ وكيف أنّهم لم يعبأ بأنواع الأذى والإهانات التي تلقّوها في هذا الطريق من أمثال أبي لهب وأبي جهل وأبي سفيان؛ وواصلوا طريقهم، وتحمّلوا أنواع العذاب والمقاطعة الاقتصادية والحصار في شعب أبي طالب. ولم ينتهِ دورهم عند هذا الحدّ، بل هاجروا وتحمّلوا المعاناة وواصلوا طريق الهداية والإرشاد والدعوة إلى دين الحق وإبلاغ كلمة الله وخوض الحروب المتتابعة غير المتكامفئة، ومواجهة آلاف المؤامرات والعقبات دون أن تفتّ في عضدهم.
وها هي صخور مكة والمدينة وصحاريهما وجبالهما وأسواقهما وأزقَّتهما تعجّ بأصداء نداء رسالتهم؛ ولو أنها نطقت وكشفت عن سرّ ومعنى "فاستقم كما أُمرت" لعرف حجّاج بيت الله الحرام ما تجرّعه رسول الله من أجل هدايتنا، ولأدركوا عظمة مسؤولية أتباعه.
ورغم معاناة الشعب الإيراني المنجب للشهداء طوال فترة النضال والحرب وحوادث الثورة الأخرى، والصعاب والآلام والتضحية بالشباب الأعزّة في سبيل الله، فإنّها – بالتأكيد – لن ترقى إلى المظالم والمعاناة التي تجرّع مرارتها قادتنا وأئمّتنا الأطهار. (من بيان البراءة الذي وجّهه سماحة الإمام إلى حجّاج بيت الله الحرام، بتاريخ 28/7/1987م).
الكعبة المعظَّمة هي المركز الوحيد لتحطيم هذه الأصنام. فقد فع إبراهيم الخليل في الزمن الأوّل، وبعده حبيب الله (ع)، وسيرفع في آخر الزمان ابنه العزيز المهدي الموعود – روحي فداه – نداءَ التوحيد من الكعبة. فقد أمر الله تبارك وتعالى إبراهيم (ع) بقوله: "وأذِّن في الناس بالحجّ يأتوك رجالاً وعلى كلّ ضامر يأتين من كلّ فجّ عميق". وأمره عزّ وجلّ أيضاً: (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (الحج/ 26)، ويعني التطهيرَ من كلّ الأرجاس؛ وأشدُّها الشرك الذي ورد في صدر الآية الكريمة. كذلك نقرأ في سورة التوبة: (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ…) (التوبة/ 3). (من بيان إلى حجّاج بيت الله الحرام ومسلمي العالم بمناسبة حلول عيد الأضحى السعيد، بتاريخ 3/9/1984م).
إنّ بيت الله الحرام هو أوّل بيت وضع للناس.. للناس كافّة. وليس لأيّة شخصية أو نظام أو طائفة حقّ الأولويّة فيه. الكلّ متساوون فيه، لا فرق بين أهل البادية، وسكنة الصحاري، والقوافل الرحّل، وبين العاكفين في الكعبة، وأبناء المدن، والحكام والمسؤولين.
إنّ هذا البيت الكريم وضع للناس، من أجل قيام الناس، ومن أجل النهضة العامّة، والمصالح العامّة لكلّ الناس. (من بيان إلى مسلمي العالم بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، بتاريخ 29/8/1984م).
كان المسجد الحرام والمساجد من زمن الرسول الأكرم (ص) مركزاً للشؤون السياسية والاجتماعية والعسكرية، منها ينطلقون إلى الحرب. لم يكن نشاط مسجد النبيّ محصوراً بالصلاة والصيام والمسائل العبادية. بل إنّ معظم النشاط الذي كان يمارس في المسجد، كان نشاطاً سياسياً. ففي كلّ مرّة كانت القوّات تنطلق من المسجد للحرب، كما كانت تعبئة الناس تتمّ في المسجد، وكلّ شيء كان ينطلق من المسجد. (من حديث مع وزير الثقافة والمشرف العام على شؤون الحجّاج ومنتسبي مؤسسة الحج والأوقاف، بتاريخ 17/8/ 1983م).
مكة هي المكان الذي كان جميع الأنبياء في خدمته. وقد ابتليت اليوم بعدّة من الملحدين الذين لا يعون – قطّ – مسؤولياتهم وماذا ينبغي لهم أن يفعلوا. وإنّه عار على المسلمين جميعاً أن يساء إلى مكة، المكان الإلهي المقدس، مكان هو من أكثر الأماكن الإلهية قدسية؛ وهم جالسون يتفرّجون. إنّ المسلمين أنفسهم يعون واجبهم، ولابدّ من الإبقاء على القضية حيّة فاعلة. (من حديث لدى لقائه رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة بمناسبة أُسبوع الحكومة، بتاريخ 23/8/1987م).
لقد وُفّقتم لزيارة بيتٍ وضعه الله للناس، وهو أوّل بيت وضعه الله للناس كافّة: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ) (آل عمران/ 96). وهذا أحد الأدلة على أنّ الله تبارك وتعالى دعا العالم أجمع إلى الإسلام، ووضع هذا البيت للبشرية جمعاء منذ زمن البعثة وإلى أن يرث الله الأرض.
إنّه بيت الناس، فلا يوجد شخص أو فئة أو طائفة أولى بالبيت من بقية الناس، وإنّ الناس قاطبة في مشارق الأرض ومغاربها مكلّفون باعتناق الإسلام والاجتماع في هذا البيت الذي وُضع للناس، وزيارته. (من حديث في جمع من الحجّاج الباكستانيين، بتاريخ 7/11/1980م).
يا لسعادتكم على تشرّفكم بزيارة مكة المكرّمة مركز الوحي، والمدينة المنورة منطلق الرسالة. أرجو الله تعالى أن يتقبّل منكم أيّها الإخوة زيارتكم بأحسن القبول. (من حديث في جمع قادة القوى الثلاث في الجيش الباكستاني لدى عودتهم من الحجّ، بتاريخ 24/11/1979م).►
يسلموو الايادي
جزاك الله خيرا
جزاك الله خيرا
وجعلة في ميزان حسناتك
شُكْرَاً لَطرَحُك الْهَادَف وَإِخْتِيارِك الْقَيِّيم
وَجَعَل مَا جَلبتَه فِي مَوَازِيّن حَسنَاك يَومْ ألحسَآب وَرَفَع الْلَّه قَدْرَك
فِي الْدُنَيا وَالْآخرَّة يَ رَب
وَأَجْزَل لَك الْعَطاء وَبَآركْك عَلى مَوضوعَكْ
أسَأل ألله أنْ يُعَطِرَ أيَآمكْ
بِ ألسَعَآدَةَ ألدَآئمَة
:::: ( ) ::::
جزاكم الله الخير