بدوي الجبل
بدوي الجبل : ( محمد سليمان الأحمد )شاعر عربي يحمل في أعماقه تاريخاً من الجراح النازفة , و ثورة المتنبي و طموح أبي فراس الحمداني .
بدوي الجبل :هو الشاعر الذي قال عنه الشاعر المرحوم نزارقباني: ( أنه السيف اليماني الوحيد المعلق على جواد الشعر العربي ,في عباءته ألف شريف الرضي وألف أبي تمام ) .
و قال عنه الشاعر المرحوم محمد مهدي الجواهري : ( إنما أخشى من شعراء العصر و أحسب حسابه هو بدوي الجبل ) كما قال عنه الناقد الخطاط أيضا .
سواء تغزل بدوي الجبل أو غنى أفراح بني قومه آو مأتمهم فهو في كل شعره العبقري الأستاذ وعلى رأي الشيخ عبد القادر المغربيدر هذه ساحة لا خزف فيها أنها سوق للذهب واللؤلؤ والمرجان إنه في السابقين ومعدوداً على حدثة سنه بين الفحول والمكرمين).
الولادة والنشأة:1903م-1981م: ما أكثر ما كتب عن حياة الشاعر بدوي الجبل لأن ملامح حياة الشاعر ونشأته أصبحت معروفة,ولد محمد سليمان الأحمد (بدوي الجبل) في قرية (ديفة) محافظة اللاذقية منطقة القرداحة سنة 1903م والده العلامة الشيخ سليمان الأحمد الذي كان إماماً في الفقه واللغة والأدب , وعلى يدي والده تتلمذ البدوي, فكان العلامة ينشر العلم و المعرفة ويعود بزاد ثقافي ومعرفي,.
والده:كان يرتل القرآن ,ويجود الشعر .وعلى ما يبدو ان بدوي الجبل لم يدخل في قريته المدرسة الابتدائية والإعدادية كما تشير الدراسات,إذ كانة دراسته على يد والده في ديوانه الذي تعبق فيه طيوب الشعرية .و كان وقدت ذكاء يتلقف من الديوان كل سري من نظم و نثر و يختزنه في مستودع اللاوعي لترفد مفرداته بعد ذلك ذهنه السخي و لكن وضعه في كتّاب القرية حيث تعلم القراءة و الكتابة و لكن الأساس في ثقافته و ثروته اللغوية هو والده الذي كان يسمعه الأشعار قبل أن يتعلم القراءة و الكتابة فكان ذلك زاده الثقافي بالإضافة إلى المخزون الشفوي الذي كان يستمده من مجالسة والده مع قراءات للتراث العربي و المعلقات و دواوين المتنبي و الشريف الرضي و البحتري و أبي فراس الحمداني .
وفي الحادية عشر من عمره نقله والده إلى مدرسة إعدادية في اللاذقية واسكنه غرفة في منزل عائلة كانت موقع ثقته ولاقى الفتى ترحيبا فيه متصرف المدينة أنا ذاك المناضل (رشيد طليعة) ولكن حدث ما ليس بالحسبان إذ دخلت القوات الفرنسية اللاذقية فترك المتصرف مقره و التحق بالملك فيصل الأول فعينه متصرفاً على مدينة حماه و عن هذه الفترة يروي بدوي الجبل قائلاً : ذات يوم فوجئنا بعسكري يزور والدي موفد من قبل رشيد طليع و حاملاً استدعاء إلى حماه كي يعود و يرسلني إلى دمشق لإنهاء دراستي و نزل والدي عند رغبة صديقه فانتقلت إلى دمشق للمرة الأولى حيث التحقت بمدرسة ( عنبر ) و فيها بدأت أنظم الشعر ,على أن بقائي في هذه المدرسة لم يطل , فقد عين الملك فيصل ( رشيد طليع ) وزيراً للداخلية فيما كانت ثورة صالح العلي في بدايتها , وقد صدرت إرادة ملكية بإرسال وفد حكومي إلى الشيخ صالح العلي للحديث حول أمور الثورة فتألف الوفد من وزير الدفاع آنذاك يوسف العظمة, الذي أستشهد في معركة ميسلون .و كان يرافقه نسيب حمزة أحد أقطاب الكتلة الوطنية بدمشق .
و يتابع بدوي الجبل حديثة قائلاً :
ركبت القطار إلى حماه مع الوفد المتجه إلى بيت الشيخ صالح العلي ثم ركبنا عربة خيل و نحن متجهين إلى بيت الشيخ صالح العلي كان الأمن آنذاك مختلاً و المسافر يتعرض لمخاطر عدة لاسيما عصابة فهد الشاكر فبينما كنا في الطريق تصدى لنا أفراد هذه العصابة و طوقونا من جميع الجهات ….. و راحوا يسطون على كل ما في العربة حتى وصلوا إلي , وكان وجود فتى في مثل سني بين أعضاء الوفد أثار دهشة اللصوص , و سألوني :أأنت حقاً ابن الشيخ سليمان الأحمد ؟
فقلت نعم .
فصرخ أحدهم مردداً أسمي …….. و قال : ( لن يحرسكم في الطريق إلى بيت الشيخ صالح العلي إلا وجود هذا الفتى بينكم ).
و تابع الوفد الرحلة حتى بلغ منزل الشيخ الذي ازداد ترحيبه بعدما عرف هوية الفتى الصغير …. وكان جوابه حول المهمة :
أبلغوا الملك فيصل أنني لا أبتغي المال , إنما أريد استبقاء هذا الفتى لدي . و عاد الوفد إلى دمشق ليطلع الملك فيصل على تفاصيل ما جرى ,و قال له الوزير يوسف العظمة : يا صاحب الجلالة لا حاجة بك إلى إرسال أي كان إلى الشيخ صالح العلي سوى هذا الغلام وأشار بيده إلى ( محمد سليمان الأحمد ).
نضاله السياسي و تشرده: لقد عبرت به السنون مسرعة , و لاقى الصعاب , وداهمته الحياة كالعاصفة .لقد أتجه البدوي يوماً من دمشق نحو حماه سيراً على الأقدام من أجل أن يتسلل منها إلى الجبال ويبدو أن الفرنسيين استطاعوا العثور عليه في مخبئ أحد ( خانات ) حماه وأذاقوه ألوانا من العذاب ومن ثم نقلوه إلى حمص وثم إلى بيروت وهناك بقي في بيروت شهرا واحدا و أعادوه بعدها إلى سجن جزيرة أرواد وبعد وساطة عديدة مارسها زعماء الجبل ونظرا لصغر سنه تم إطلاق سراحه , ثم أنتمىإلى الكتلة الوطنية واصبح مرشح الوطنيين للنيابة وعرفته البرلمانات نائبا ممثل الساحل السوري في البرلمان.
بدوي الجبل أمام حسني الزعيم و الشيشكلي :يوم 13آذار 1949 م قام حسني الزعيم بتشكيل حكومة فطلب من البدوي و أسعد هارون الزعيم اللاذقاني على أن يشكلان الوزارة الجديدة فوافق السيد هارون لكن البدوي رفض التعاون مع حسني الزعيم إذا كان معارضاً لنظام حسني الزعيم و سامي الحناوي فأحكم مراقبته و أصدر أمراً باعتقاله و جهز حقيبة ملابسه منتظر أوامر الاعتقال لكنه فوجئ بالمجاهد الكبير سعيد السيد محافظ اللاذقية ينزل إليه من السيارة و يقول للبدوي تفضل سأنقلك في سيارتي الرسمية إلى الحدود اللبنانية و لا أريد أن يسجل التاريخ علي لعنة من لعناته باعتقالي مناضلاً كبيراً ,و اجتاز الحدود السورية اللبنانية في سيارة يرفرف عليها العلم السوري حتى وصل إلى ( العبدة ) ولم يمضي شهر حتى أنتهىأديب الشيشكلي .فتلقى البدوي من الكتلة الوطنية طلباً يستدعوه إلى اللاذقية فوراً لدخول الوزارة لكنه رفض بالبداية وبعد إلحاح شديد خيروه بين ثلاثة وزارات ( الصحة ـ العدل ـ المعارف ) فاختار الصحة التي استمرت //100// مائة يوم قضى أغلبها في جنيف .
محاولة اغتياله :ذات صباح من عام 1968 كان بدوي يمارس رياضة المشي كعادته و إذا بشرير يهوي على رأس الشاعر بطعنة أفقدته وعيه و نقله إلى مكان خفي …… وباءت بالإخفاق الجهود المتواصلة للعثور عليه حياً أو ميتاً و لكن إنذار صارم وجهه وزير الدفاع السيد الرئيس حافظ الأسد آنذاك وطلب بإعادته و طرحه خفية في أحد المشافي . و قال البدوي إن هذا الموقف النبيل الذي وقفه وزير الدفاع حافظ الأسد هو الذي أنقذ حياتي من الموت حيث أتصل سيادته بالمعني وأنذره بالاعتقال إذا لم يظهر بدوي الجبل و هكذا أصبحت بأمان و بعد ذلك اعتزلت الحياة السياسيةبعد أن أديت واجبي الوطني وضاق علينا الأمر في لبنان فتركت بيروت إلى اسطمبول وروما وفيينا وجنيف منذ أواخر 1956 حتى عام 1964 وبعد رفع العزل السياسي عدت إلى الشام.رحيل بدوي الجبل :رحل بدوي الجبل بتاريخ 19/8/1981 ولم يأخذ حقه من الدراسة والاهتمام فقليلة هي الكتب التي صدرت عن هذا الشاعر, صدر منها داخل سورية وكتابان خارج سورية وهو الشاعر الذي أعاد الصفاء والنقاء إلى اللغة الشعرية وحلق بهابعيدا في عالم من الصوفية الحالمة, هذا الشاعر لا نجد في مكتباتنا أثرا لديوانه الشعري ( مرجع بدوي الجبل بين السياسية والأدب – ديب علي حسن ) ومن مدارسنا وجامعاتنا لا يدرس الشاعر كحالة إبداعية أنما تكتفي المناهج المدرسية بوضع نصٍ من نصوصه , وأما المناهج الجامعية ( الأدب العربي ) فشعره لا يدرس لا من قريب ولا بعيد وهذا يعني أن من يريد من قراءة بدوي الجبل لا بد له من رحلة بحث مضنية للحصول على كتاب يتحدث عن هذا الشاعر العبقري وعن حياته.
الشاعر بدوي الجبل : نشأته / دراسته /كفاحه / نضاله السياسي / تشرده / رحيله
يسلمووؤ الايادى غاليتى
طرح رائع افدتى روان
~