الأطفال.. وأخطار المشروبات الغازية
منذ ظهور المشروبات الغازية (Soft Drinks) في بدايات القرن الماضي وهي تتمتع بشعبية طاغية في أرجاء العالم. ويجتمع الجميع على الرغبة في تناولها، وخصوصا الأطفال والمراهقين. وعلى الرغم من اشتراك معظم الشرائح الاجتماعية في الاستهلاك، فإنه يزيد في الأوساط الاجتماعية الأعلى ويزيد الاستهلاك في الحضر عن الريف. وتسجل الولايات المتحدة أعلى معدلات الاستهلاك للفرد في العالم من المشروبات الغازية. وبطبيعة الحال فهناك الكثير من الدراسات العلمية التي تتناول الآثار الصحية لتناول المشروبات الغازية، سواء بالسلب أو الإيجاب على المستويين العضوي والنفسي.
* المشروبات الغازية والسلوك وقد أشارت دراسة حديثة أجراها باحثون من قسم الصحة العامة (Public Health) في جامعتي كولومبيا وهارفارد بالولايات المتحدة الأميركية، ونشرت في مجلة طب الأطفال (The Journal of Pediatrics) في شهر أغسطس (آب) الماضي، إلى أن تناول الأطفال للمشروبات الغازية بكثرة يمكن أن يؤدي إلى تغير في سلوك الطفل ليصبح أكثر عدوانية، إضافة إلى مواجهته مشكلات في التركيز.
واعتمدت الدراسة على بحث اجتماعي على نحو 3000 طفل في عمر الخامسة، وكذلك أمهاتهم من 20 من المدن الكبرى في الولايات المتحدة. وطلب من الأمهات حساب كمية الاستهلاك من المشروبات الغازية لأطفالهن، وكذلك تم سؤالهن عن سلوك الأبناء قبل شهرين من بداية الدراسة من خلال استبيان مدون فيه نقط معينة تعتبر مرجعية لقياس السلوك للأطفال (Child Behavior Checklist)، وتبين أن نحو 43% من الأطفال يتناولون علبة مياه غازية (can) يوميا (330 إلى 350 مليلترا) وأن نحو 4% من هؤلاء الأطفال يتناولون 4 علب أو أكثر يوميا.
وتبين أن هناك علاقة بين تناول أي قدر من المشروبات الغازية وزيادة معدل السلوك العدواني للأطفال، وكذلك تغير في مستوى التركيز، وذلك حتى بعد تثبيت بقية العوامل الأخرى مثل العامل الاجتماعي وكذلك حالة الأم النفسية. وأظهرت الدراسة أن الأطفال الذين يتناولون 4 علب من المشروبات الغازية يوميا تميزوا بسلوك عدواني، والرغبة في تحطيم الأشياء بنسبة الضعف، وكذلك تشاجروا مع أقرانهم من الأطفال ومالوا أكثر إلى الاعتداء البدني من غيرهم من الأطفال الذين لم يتناولوا المشروبات الغازية. ووجدت الدراسة أن معدل عدوانية الأطفال يزداد بشكل طردي مع زيادة معدلات استهلاك المشروبات الغازية.
* مقدار الكافيين من المعروف أن المشروبات الغازية تحتوي على مادة الكافيين (caffeine)، وهي مادة طبيعية موجودة في الكثير من النباتات، ويمكن أيضا تصنيعها، ويجب أن يتم إعطاؤها بحرص للأطفال، حيث إنها تزيد من التوتر والعصبية لدى الأطفال. ويمكن أن تسبب الالتهاب للمعدة، ويمكن أن تسبب أيضا في صعوبات ومشكلات في النوم، كما أنها قد تزيد من معدل ضربات القلب ولكن بشكل غير مرضي. ومن المعروف أن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال لا تشجع تناول الأطفال للكافيين، وفي كندا تنصح السلطات الصحية بأن لا يزيد تناول الطفل عن 45 مليغراما من الكافيين، وهي الكمية التي توجد في علبة المياه الغازية (335 مليلترا)، وفضلا عن أن كمية السكريات الموجودة في المياه الغازية يمكن أن تؤدي إلى إصابة الأطفال بالبدانة، وتسوس الأسنان، حسب الرابطة الأميركية لطب الأسنان، التي تنصح بأن يقوم الطفل بغسل أسنانه بالفرشاة مباشرة بعد تناول المشروبات الغازية. وبالطبع تعتبر المياه الغازية مجرد عامل يساعد في تسوس الأسنان بجانب الكثير من العوامل الأخرى.
* إدمان المشروبات الغازية هناك بعض الدراسات التي تشير إلى أنه ومع تكرار تناول الأطفال المشروبات الغازية بشكل مكثف، يمكن أن يحدث لديهم ما يشبه الإدمان أو الاعتماد، مثل إدمان تدخين السجائر، أو تناول القهوة، ويمكن أن يكون ذلك نتيجة للاعتياد على الطعم أو اعتياد ناتج عن مادة الكافيين الموجودة في المياه الغازية، بل إن البعض يوصي بعدم امتناع الأطفال عن تناول المياه الغازية بشكل مباشر، بل الأفضل أن يتم ذلك تدريجيا لتجنب أعراض انسحاب الكافيين، مثل الصداع والتوتر والإحساس بالغثيان والاكتئاب.
وهناك معلومة شهيرة عن أخطار المياه الغازية، خصوصا التي تحتوي على مادة الكولا، وما يتعلق بمخاطرها على العظام. وعلى الرغم من شهرة المعلومة وتداولها بين الآباء فإن هناك دراسات قليلة تشير إلى صحتها، فالدراسات الحالية لا تشير إلى وجود علاقة بين تناول كميات كبيرة من المشروبات الغازية ووجود آثار سلبية على صحة العظام، لكن توجد دراسات أخرى تشير إلى أن هذه الافتراضات غير مؤكدة.
وفي النهاية يجب على الآباء مراقبة الاستهلاك اليومي لأطفالهم من المشروبات الغازية من أجل حياة صحية أفضل.
* اختصاصي طب الأطفال
يسلموو يا عسل
نووورتى ميرووو