تخيل معي لو كانت السماء لونين فقط: هما الأبيض والأسود..
أيقدر ربنا أم لا؟ { ان الله على كل شيء قدير} البقرة 20. ولكن انظر الى احسان الله تبارك وتعالى، انظر الى كم الألوان في السماء ودرجاتها، ألوان مريحة للأعصاب..
اسمعك يلهج لسانك بالحمد والتسبيح والتهليل.. فمن الآن تفنن في تأملك للسماء.. والله انها بديعة.. أما آن لك أن تحسن كما أحسن الله اليك!!!؟. { وصوّركم فأحسن صوركم} غافر 64.
والآن جاء الدور عليك.. يقول الله تبارك وتعالى:
{ لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم} التين 4.
انظر الى مكان العينين، مكان اللسان، مكان الأنف…
وقل الحمد لله الذي أحسن خلقتنا حينما تنظر الى الحيوان..
تخيّل لو كان مكان العينين أنفان، ومكان الأنف عين واحدة، وتخيل لو كانت الأذنان في وسط الشعر!
يا الله!! يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. { وصوركم فأحسن صوركم} الحمد لله على هذا الخلق ذي (الاحسان) فبدونه كيف كان شكلك..!
فليكن شعارنا
عليك أن تحسن في كل شيء في حياتك وليكن شعارك:" واحسن كما أحسن اليك".. ويقول الله عز وجل:
{ الله أنزل الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعرّ منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله، ذلك هدى الله يهدي به من يشاء، ومن يضلل الله فما له من هاد} الزمر 23.
والله انه معنى عظيم، فانه الذي نزل علينا أحسن ما نزل من الكتاب.
أما نستحي من الله.. فلقد أحسن خلق الكون.. واحسن خلقتك.. واحسن الكتاب المنزل عليك.. ومع ذلك.. أنت لا تحسن.. تقول: ساحسن ان شاء الله؟
لا أقصدك أنت أيها الحبيب.. بل أقصد غير المحسنين!!
نماذج الاحسان
الاحسان في العبادة:
أسمعك تقول: وما علاقة الاحسان بالعبادة؟ وأقول لك: الصلاة مثلا عبادة، ولكن أن تحسن الصلاة، هذا هو الخلق: أن تؤدي الصلاة كأفضل ما يكون، هذا هو الاحسان، فالأخلاق مرتبطة بالعبادات ارتباطا وثيقا.
والان كيف احسن في العبادة.
فيالحديث الشهير، حينما جاء جبريل الى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يسأله ليعلمنا أمور ديننا..
فحينما سأل النبي صلى الله عليه وسلم: فأخبرني عن الاحسان، قال:" أن تعبد الله كأنك تراه، فان لم تكن تراه فانه يراك" رواه البخاري 50و 4777 ومسلم في 97 و98. هل تستطيع فعل ذلك وأنت تصلي؟ تستشعر أن الله يراك؟ فكيف تكون هذه الصلاة؟ ستحسنها أكيد.
فكرة جميلة جدا، هيا نتفق الآن عليها: أن نعبد الله هكذا يوما كاملا، تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك.. تستشعر بمراقبة الله الشديدة لك في كل خطوة، في العبادة وفي كل شيء.
الله يسمعني.. الله يراني.. الله مطلع عليّ
ان قضاء يوم كامل من عمرك على عبادة الاحسان سيجعلك انسانا آخر.. فعند استيقاظك وعمد حركتك وعند ضحكك وعند كلامك وعند مذاكرتك وعند عملك..
فكم من الأيام قضيناها هباء.. فهيا نعيش يوما كما يحب ربنا ويرضى.. أراك قد انشرح صدرك الآن لخلق الاحسان.. فاحمد الله.
الاحسان الى الوالدين
يقول الله سبحانه وتعالى:{ وبالوالدين احسانا} الاسراء 23، وجاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله، أبايعك عى الهجرة والجهاد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:" وهل من والديك أحد حي؟" قال: نعم، بل كلاهما، قال النبي صلى الله عليه سلم:" أتبتغي الأجر؟" قال: نعم يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" ارجع الى والديك فأحسن صحبتهما" رواه مسلم 6454.
وكأنك تقرأ هذا الكلام لأول مرة.. وخاصة"فأحسن صحبتهما". فكنت تقرأ ولا تدرك أهميتها: ان تحسن الى والديك تأخذ الأجر الذي كنت ستأخذه في الهجرة والجهاد!
انطلق الآن!!
انك تريد أن تسأل سؤالا، أليس كذلك؟ تقول: وكيف أحسن الى والديّ؟ وأقول لك: يقول الله تبارك وتعالى:{ وبالوالدين احسانا. تعجبت أكثر.. أليس كذلك؟.. معقول كلمتين فقط!!
وكأن الكلمتين تقولان لك: أرنا شطارتك في الاحسان اليهما: في نظرة العينين ( اياك أن تنظر بحدة) وفي نبرة الصوت ( اياك أن ترفع صوتك، اياك أن تسخر وتتهكم) … في ابتسام الوجه..
يا الله خلق عجيب.. خلق ليس له نهاية.. فكلما ازددت احسانا ازددت قربا من الله.. انني أشعر الآن أنك ستبتكر وتجتهد لتحسن الى والديك ( اني أثق فيك).. من تقبيل اليد. ومن الرد الجميل.. ومن المشاركة اللطيفة.. ومن الحب الصادق.. ومن عرض لوجهة نظرك في المواقف المختلفة بكل أدب وطيب كلام.. خذ راحتك في الاحسان!
الاحسان الى البنات
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" ما من رجل تدرك له بنتان أو أختان، فيحسن اليهما ما صحبتاه أو صحبهما، الا أدخلتاه الجنة" رواه ابن ماجه 3670. منكم الآن من يقول: كنت أتمنى أن يكون لي أخوات بنات ولكن.. ادع الله عسى أن يرزقك ذرية تكون فيها بنات.. لكن اياك أن تغير رأيك فيما بعد..!!
لكن ألم تلاحظ معي هذه الكلمة.." فيحسن اليهما".
ولكن كيف أحسن الى البنات؟ تعلم من النبي صلى الله عليه وسلم، انظر كيف كان احسان النبي صلى الله عليه وسلم الى فاطمة رضي الله عنها وأرضاها..
كانت فاطمة لا تدخل على النبي الا يقوم لها ويقبلها في راسها. كم من الآباء اليوم يفعل ذلك..!! أخشى من الاجابة.
وحينما تزوجها سيدنا علي رضي الله عنه، سكنوا بعيدا عن بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم الى أحد الصحابة كان يمتلك بيتا بجوار المسجد النبوي، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم:" اني لا اطيق فراق فاطمة فهل اشتريت منك البيت؟" فقال الرجل: يا رسول الله أنا وبيتي في سبيل الله.
يا الله..!! أي رقة.. أي احسان هذا للبنات ( لا أطيق فراق فاطمة).
بالله عليك اقتد برسول الله، وادع الله أن يوفقك للاقتداء به.. أحسنوا الى بناتكم.. يحسن اليكم.
الاحسان الى البنات في القرن العشرين.. كيف يكون..!؟
ان أعظم احسان تستطيع أن اقدمه لبنتك أو لأختك في القرن العشرين، أن تصاحبها.. واسمع منها.. واكسب ثقتها.
انها والله نصيحة غالية الثمن لمن يشعر بقسوة هذا الزمن الصعب.. فكم من البنات يضحك عليهم في هذا الزمن باسم الحب وباسم الصداقة، فصاحبها واسمع منا، واياك أن تبطش بها عند غضبك ( فمن الممكن أني كون هناك أخطاء) اياك ثم اياك..
ابدأ الآن واحسن لبنتك أو لأختك و… صاحبها.
يتبع بأرادة المولى سبحانة
تسلم يمينك اخي الكريم موضوع رائع
باركك الرحمن وجزاك الله كل
الخيرواسال الله العظيم ان يوفقناواياك
لاتباع هديه وان يرزقنا مرافقته في
الفردوس الاعلى من الجنه