لمن نترك الكهولة ؟!!!

متخبطاً في فلك فتاك من الذكريات

يشق طريقه عبر مساحات شكلت بالنسبة له

الوجود كله .. متلفتاً هنا وهناك ..

وكأنما يبحث عن ضالة له ..

متسائلاً الى من تركتموني ..

لمحته كبارق رعد في ليلية ظلماء …

وتقدمت اليه …

يا حج الى أين تمضي … هل أوصلكَ الى مكان ما

تتطلع الي في ذهول .. وكأنني هبطت عليه من السماء ..
أ
طبق عليه الصمت للحظات .. ثم أردف قائلاً

(الله يجزيك الخير يا ابني ) ..

هلاّ أخذتني الى النبع .. هناك حيث بيت ابنتي

وصعد … وما زال يُحدق بي وكأنما ينظر الى مخلوق غريب

باغته بسؤال جديد بدد الصمت الحائر لديه فقلت له :
ي
ا عمي ما الذي اتى بك الى هذا المكان النائي

فأجاب : لنا الله يا ابني … لنا الله

يا حج وأين أبنائك …

ليس لي أبناء يا ولدي .. ليس لي سوى أربع بنات متزوجات

وأنا أعيش وحدي مع زوجتي العجوز

واستطرد قائلا .. يا ولدي لا تؤاخذني

فقد أتعبتك .. يا ولدي يمكنني السير

فلا تتعب نفسك .

اغرورقت عيناي من الأسى وودت لو أبكي

فقلت له لا بأس يا عمي أنا تحت أمرك ..

وتابعت المسير هناك حيث تسكن ابنته

حتى وصلنا … فقلت له يا عم اذهب وسل عنها

انا هنا بانتضارك حتى تعود لكي اوصلك الى منزلك

قال حسنا يا بني .. ونزل … وتوجه الى بغيته

وما لبث وأن عاد قائلا نفس العبارة ..

( لنا الله يا ولدي لنا الله ) .. لم أجدها

لقد سافرت هي وزوجها وأبنائها .

الى من نترك آبائنا في سن الكهولة … ؟

ومن يصون كرامتهم ويجنبهم سؤال الناس .. ؟

هذا الكهل بلحيته الطويلة الممتلئة بالشيب ..

حاملاً كل هموم الدنيا على كتفيه .. أضناه التعب والجوع

سائراً على قدميه في عالم غصت به الحضارة ..

فارغ البطن في عالمٍ متخم …

لا يملك درهما ولا دينار ..

ومن حوله القصور والرياض شُيدت بالملايين …

يكفيني فخرا هذا المرور العابق بالريايحين

وأستميحك عذرا اذا انا تاخرت بالرد عليك

فمرورك عيزيز .. ومكوثك ها هنا

طفلة بنت رصاص

مرورك الكريم هذا

ينعش الروح والوجدان