قصة تنفع المؤمنين
من هو الانسان الذي تخاف أن يغضب عليك: أبوك؟ أمك؟ زوجتك؟ زوجك؟..؟ من يا ترى أكثر؟ من تخاف أن يغضب عليك؟ انها قصة حدثت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
في غزوة تبوك، خرج مع النبي ثلاثون ألفا من الصحابة، وكانت هذه الغزوة في شهر أغسطس (آب)، وكان الحر شديد وكانت المسافة بعيدة، حوالي ألف كيلومتر، فبدأ المنافقون يعتذرون ويتخلفون.. ولكن هناك ثلاثة من الصحابة الصادقين تخلفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم.. منهم الصحابي الذي يروي هذه القصة هو: سيدنا كعب بن مالك ( ضع نفسك مكان كعب بن مالك في كل الأحداث القادمة وقل ماذا ستفعل!).
يقول سيدنا كعب: خرج النبي محمد صلى الله عليه وسلم وخرج الجيش وأنا أقول: سألحقهم غدا، ويأتي غدا وأقول: سألحقهم غدا.. حتى أصبح من المستحيل أن ألحق بهم، فمشيت في طرقات المدينة، فلا أجد الا منافقا معلوم النفاق، ومريض قعيد، فلما قفل النبي صلى الله عليه وسلم عائدا حضرني بثّي ( أي شدة الحزن.. أعلى درجات الحزن)، فقلت لنفسي: ماذا أقول للنبي صلى الله عليه وسلم..؟ كيف أخرج من سخطه غدا؟ فطفقت أتذكر الكذب ( سبحان الله، وكان كعب بن مالك يصف ماذا يحدث لك فعلا.. فهذا الذي يحدث لك حينما تخطئ).
وأصبحت تحدثني نفسي بالكذب.. فلما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم انزاح عني الباطل فأجمعت صدقه.. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فجلس.. فبدأ المنافقون يدخلون عليه ( سامحني يا رسول الله.. اعذرني يا رسول الله) ويحلفون للنبي صلى الله عليه وسلم، ويقبل النبي صلى الله عليه وسلم علانيتهم ويستغفر لهم، ويبابعهم ويجدد لهم البيعة ويكل سرائرهم الى الله تعالى، فيخرجون وهم في منتهى السعادة! وجاء دوري ( تذكر أنك الآن كعب بن مالك الذي تخلف عن الجهاد وترك النبي صلى الله عليه وسلم.. وستقابل النبي صلى الله عليه وسلم الآن فماذا تقول له)، فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فتبسّم تبسّم الغضبان وقال لي:" تعال، ما خلفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك" ( أما اشتريت جملا جديدة…) فقلت يا رسول الله، والله لو جلست عند غيرك من ملوك الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر، لقد أوتيت جدلا، ولكن يا رسول الله لئن حدثتك اليوم حديثا ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي، ولئن حدثتك حديث صدق تجد فيه عليّ اني لأرجو من الله فيه عقبى، ووالله ما كان لي من عذر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" أما هذا فقد صدق، قم حتى يقضي الله فيك" رواه البخاري 4418 ومسلم 6947 ( هل تستطيع أن تفعل ما فعله كعب مع.. أبيك.. أمك.. أستاذك.. مديرك؟!)
وهنا معنى هام جدا: ليس معنى صدقك ألا تعاقب، فيقول كعب بن مالك: فمت فنهى النبي عن كلامنا نحن الثلاثة أربعين يوما، ثم مّت بعد ذلك وأصبحت خمسين يوما..{ حتى اذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم} التوبة 118… ويقول كعب: فلما خرجت من عند النبي صلى الله عليه وسلم، جاءني أناس من بني سلمة ( وهي قبيلة من قبائل أنصار) يقولون لي: لماذا لم تقل مثل فلان وفلان وتعتذر، وكان النبي سيستغفر لك، أما رأيت النبي النبي يستغفر لهم؟
فمن كثرة كلامهم هممت أن أعود للنبي فأكذب نفسي ( انه يحكي لك ترددات النفس البشرية..) ولكني عدت الى رشدي.
ونهى النبي عن كلامنا 50 يوما، حتى نزلت توبة الله علينا في قرآن يتلى الى يوم القيامة.. وسبحان الله تختم الآيات بـ{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} التوبة 119. فجئت الى النبي صلى الله عليه وسلم ودخلت المسجد، فنظر اليّ النبي صلى الله عليه وسلم فاستنار وجهه من الفرحة، وكنا نعرف في وجهه ذلك ( اذا فرح النبي وابتسم استنار وجهه كأنه قطعة من القمر) فقلت له: يا رسول الله والله ما نجاني الا الصدق، وان من توبتي ألا أحدث بعد ذلك الا صدقا، ووالله ما كذبت من بعدها كذبة، واني لأرجو من الله أن أستديم على ذلك حتى اموت.
(حقا انها قصة تنفع المؤمنين.. هل تستطيع أن تتشبه بكعب بن مالك..!؟ فوالله ان التشبّه بالرجال فلاح.. ألا تحب أن يتوب الله عليك..؟ ألا تستطيع أن تجعل هذه الجملة ( وان من توبتي ألا أحدث بعد ذلك الا صدقا) شعارا لك مدى الحياة؟.
ثانيا: سبب يؤدي الى النفاق..!! لجلب المنفعة
وهو سبب أخبث من السبب الأول وأشد وأسوأ عند الله تعالى فتفعله للحصول على منفعة.. على جاه.. على منصب.. على رياسة.. على مال.. على مكانة في المجتمع.. وهو سبب يؤدي حتما الى النفاق، لأنك لن تقنع بمجرّد الكذب للحصول على المنفعة، بل تبدأ تستبيح حرمات.. وغير ذلك الكثير والكثير.
(كن حذرا) هذا السبب خطير.. أخشى عليك من الوقوع فيه ولكن لا.. لست أنت من يقع فيه. اني أثق فيك.
أبو جهل في موقف عجيب..!!
موقف لا يعرفه كثير الناس.. الكل يظن أن أبا جهل كان يكذب النبي صلى الله عليه وسلم لأنه يعتقد بأن النبي (كذاب) وحاشا لرسول الله، لكن الحقيقة غير ذلك.. انه كان يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صادق. واليكم الموقف: مر النبي صلى الله عليه وسلم على أبي جهل وصديق له، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه للاسلام فقال أبو جهل: يا محمد أنت كاذب لا أصدقك. فحزن النبي صلى الله عليه وسلم وتركهم.. فقال أبو جهل لصديقه: ( الذي أسلم بعد ذلك):
انني أعلم أنه صادق ولكن يمنعني أن أومن به أن قبيلتي وبنو عبد مناف ( قبيلة النبي) فرسي رهان، يقولون: منا كذا، ونقول منا كذا.. حتى قالوا: منا نبي… فأنّى لنا بها؟
لا تتعجب.. انه أبو جهل.. كان حريصا على منفعة شخصية، فأودت به الى قعر جهنم والعياذ بالله.. فاياك أن تكون مثله..
ثالثا: سبب خطير لايذاء الاخرين
يا الله!! يكذب لايذاء الآخرين.. لماذا؟ حقدا وغلا وحسدا.. يكره الانسان فيكذب حتى يوقعه في المشاكل والمصائب.. تكره فلانة فتخوض في عرضها كذبا..
سبب يدمّر البشرية.. سبب يظهر الشيطان فيه مهارته الخاصة
خذ العبرة من اخوة يوسف..!!
ان هذا السبب ( كاف لايذاء الآخرين) هو الذي جعل اخوة يوسف يفعلون ما لا يصدّق.. فماذا فعلوا ينتيجة الحقد والغل والحسد؟
{ اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين} يوسف 9. فكذبوا كذبتين.. الأولى بالقول والثانية بالفعل.
التي بالقول:{ وجاءوا أباهم عشاء يبكون} يوسف 16، [ قالوا يا أبانا انا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب} يوسف 17. والتي بالفعل:{ وجاءوا على قميصه بدم كذب} يوسف 18.. وسبحان الله كانت نتيجة الحقد والحسد هو التفكير في القتل.. فماذا فعل الله بهم؟ عناء وتعب 20 سنة الى أن ظهر يوسف. يتبع بحول الله تعالى
وأسأل الكريم أن لايحرمك الأجر
بارك الله فيك
جزاك الله كل خير وجعلها الله فى ميزان حسناتك
موضوع قيم وطرح رائع عن خلاق المسلم
جزاك الله خيرا اخي ويسم الحلو