تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » علم النفس التربوي-تأديب الصبيان

علم النفس التربوي-تأديب الصبيان

  • بواسطة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

علم النفس التربوي-تأديب الصبيان

خليجية
وضع "مسكويه" في كتابه "التهذيب" منهجاً لرياضة الصبيان وتأديبهم حتى ينشأوا صالحين ومتخلقين بالأخلاق الطيبة المرُضية. ويرتكز هذا المنهج على فهمه للنفس البشرية وكيف تظهر متدرجة لدى الطفل. إذ تكون هذه النفس البشرية في أولها ساذجة من غير نقش ثم تظهر فيها قوة الإحساس باللذة والألم وما يتولد منها من قوى أخرى أولها القوة الشهوانية البهيمية التي تطلب أسباب اللذات المناسبة له ثم القوة الغضبية السبعية التي بها يدفع الإنسان عن نفسه ما يؤذيه. ثم تظهر بعد ذلك القوة الناطقة التي بها التمييز وأول مظهر لهذه القوة في نظر "مسكويه" هو الحياء بأن يخاف الصبي من ظهور شيء قبيح.

وعلى أي حال فإن نفس الصبي في نظر "مسكويه" خالية من كل صورة وقابلة لكل ما ينقش فيها. وهي مستعدة للتأديب فلا يجب أن تهمل أو تترك، لأنها إذا نقشت بصورة وقبلتها، نشأ عليها الصبي واعتاداها وتمكنت من نفسه بحيث يصعب تحويله عنها. ومن ثم فواجب على الوالدين أخذ الصبي بالفضائل وسائر الآداب الجميلة.

ويعطينا "مسكويه" في موضوع تأديب الصبيان التعليمات النفسية التربوية التالية:

أولاً: أن يلقنوا مبادئ الدين والشريعة منذ حداثة سنهم؛ لأن الشريعة هي التي تُقوِّم الأحداث وتعودهم الأفعال المرضية وتعد نفوسهم لقبول الحكمة وطلب الفضائل والبلوغ إلى السعادة الإنسانية بالفكر الصحيح والقياس المستقيم وعلى الوالدين أخذهم بها.

ذلك أن تنشئة الصبي على مبادئ الشريعة وفضائلها تجعل نفسه ميالة إلى الخير عازفة عن الشر. أما إذا أهمل الصبي ولم يرب على أساس من مبادئ الشريعة فإن نفسه تكون ميالة إلى الوقوع في الشر والإثم والإقبال على اللهو واللذات. وهذا التأكيد على التنشئة الشرعية راجع –في نظر صاحب الكتاب- إلى أن "مسكويه" لم ينشأ على مبادئ الشريعة والأخلاق؛ لأن ذلك كان من الأسباب التي جعلته ينساق في تيار الحياة اللاهية في أيام صباه.

ثانياً: أن يُبعد الصبيان عن رفقاء السوء ومخالطة الفاسدين. ذلك أن الأخلاق بالمقارنة والمداخلة. إن مصاحبة الصبيان للأخيار الفضلاء من شأنها التنمذج بالفعل الصالح مما يغري نفوس الصبيان بالفضائل.

ثالثاً: أن يُبعد الصبيان من حين إلى آخر عن محيط الأسرة، أي المحيط الذي يجدون فيه عادة
كثيرا من العطف أو التنعم إلى محيط آخر يشعرون فيه بشيء من الجفاء والخشونة وعدم التواكل والاعتماد على الأهل. وهذا من شأنه أن ينمي شخصية الصبي ويغرس فيها كثيراً من السجايا الطيبة كالاعتماد على النفس وقوة التحمل والثبات أمام الشدائد.

رابعاً: المبادرة إلى غرس الفضائل في نفوس الصبيان، والفضائل المناسبة لهم عديدة وعلى رأسها:

أ‌- فضائل تتعلق بالجسم مثل عدم الشره في تناول الطعام ومراعاة الاعتدال في ذلك. وكذلك الاكتفاء بلون واحد من الطعام، وأن يأكل الصبي الخبز دون أدام في بعض الأوقات. وأن لا يسرف في أكل اللحم والحلوى والفاكهة وقاية من الترهل. وإذا جلس إلى الطعام فلا يسرع في الأكل ولا يعظم اللقمة ولا يبتلعها حتى يجيد مضغها ولا يلاحظ من يشاركه الطعام وأن يؤثر من يشاركه الطعام على نفسه. وكذلك لا يُعوّد الصبي شرب الماء الكثير وهو يأكل. وأن يمنع من تناول الأشربة المسكرة ويمنع بتاتاً من حضور مجالس أهل الشر والمنكر حتى لا يسمع الكلام القبيح.

ب‌- ومن الفضائل المتعلقة بالجسم كذلك، أن يسمح للصبي بقسط من الرياضة والحركة وينصح بالاعتدال في ذلك حتى لا يؤدي الإسراف في الحركة والرياضة إلى الشعور بالألم والتعب. هذا، إلى أن يعطي لجسمه نصيبه من الراحة والنوم ويمنع الصبي من النوم نهاراً وينام ليلاً على سرير خشن، لأن ذلك يجعل البدن صلباً.

ت‌- فضائل تتعلق بنفس الصبي وشخصيته، وتتمثل في أن يحافظ على كرامته وأن يعف عن الدنايا ويترفع عن الأمور المحُِطَة. كذلك يجب أن يعود على خدمة نفسه بنفسه حتى يتعود الاعتماد على النفس وأن يكثر من قراءة الأشعار التي تُعود على إتباع الفضيلة. هذا بالإضافة إلى أن يُعود الصبي على الصمت فلا يسرف في الكلام ولا يتكلم في حضرة من أكبر منه، بل يشتغل بالصمت والاستماع. وأن يمنع من خبيث الكلام ولغوه ويُعود حسنه وطريفه.

ث‌- فضائل تتعلق بمعاملاته مع غيره، مثل الصدق فيتعود الصبي ألا يكذب وألا يحلف البتة صادقاً أو كاذباً. كما يعود على القناعة والصدق في المعيشة. ويعود كذلك على الكرم و إيثار غيره على نفسه ويُبَغض إليه الذهب والفضة ويخوف منهما. وكذلك يعود على الطاعة، فيُعظِم الغير ويطيعهم خاصة الوالدين والمعلمين ذلك أن الطاعة تؤدي بالمرء إلى ضبط النفس وتدفعه إلى قبول النصيحة والإقبال على الدرس واحترام السنة والشريعة.

أما الوسائل التي تتبع في غرس الفضائل السابقة في نفوس الصبيان، فإن "مسكويه" يذكر بعضها على نحو التالي:

– الوسيلة الأولى:
مدح الأخيار الفضلاء أمام الصبي أو مدح الصبي نفسه إذا أتى فضيلة. وذلك مع التغافل إذا خالفها في بعض الأوقات خاصة إذا حاول الصبي ستر خروجه عن الفضيلة، لأن معنى ذلك أنه يدرك هفواته، ولعله يندم ويعود إلى الفضيلة من تلقاء نفسه.

– الوسيلة الثانية:
إذا لم تجد الوسيلة الأولى فتيلاً، فلابد من اللجوء إلى الوسيلة الثانية، وهي التأنيب سرًا. بحيث يعظم عنده ما أتاه ويحذر من معاودته لأن التوبيخ علنًا قد يحمله على الوقاحة ويحرضه على معاودة ما استقبح منه وهان عليه.

– الوسيلة الثالثة:
إذا لم تجد الوسيلة الأولى وهي المدح، ولم تجد الوسيلة الثانية وهي التأنيب، فلابد من اللجوء إلى الثالثة وهي الضرب. ذلك أن الضرب ضرورة. والضرورات تقدر بقدرها، بمعنى أن لا ينبغي أن يكون ضرباً مؤلماً أو مبرحاً، بل ينبغي أن يقتصر فيه على ما يؤدي الغرض. بل قد يكفي مجرد التهديد به.

المرجع: كتاب "التراث التراث النفسي عند علماء المسلمين".للدكتور محمد شحادته ربيع/أستاذ علم النفس-كلية العلوم الاجتماعية، جامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية بالرياض. دار المعرفة الجامعية. الصفحة: 291-294.

نهر الفلسفة وعلم النفس

جمممميل جدا ميروووو

يعطيك العافيه عيوني ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

هلا يا عسل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.