تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » حلقةَ بحَث علاقة التاريخ بالأخلاق

حلقةَ بحَث علاقة التاريخ بالأخلاق

مسألة: من موضوعات فلسفة التاريخ التي يجب على الباحث التاريخي أن يلاحظها: النظر إلى تاريخ الأمّة بصورة إجمالية، والقول إنّ تاريخها تاريخٌ أخلاقي، أو تاريخ غير أخلاقي.
وفي البدء يمكننا القول: إنّ الأخلاق لا تتكون عند الإنسان إلاّ بالدين والإيمان بالله سبحانه، واليوم الآخر، حقيقةً لا لفظاً وادّعاءً، فالأخلاق بدون الدين لا تكون أخلاقاً صحيحة وإنّما أخلاقاً خياليّة، وكما أنّ للأفراد أخلاقيات سليمة وفاسدة، كذلك للدول والحضارات، والأحزاب، والمنظّمات، والهيئات، والاجتماعات، والعشائر ومن أشبههم، أخلاقيات صحيحة أو فاسدة، فإذا كان هناك في الدولة: التراحم، والتعاطف، والشورى، والخدمة، وما أشبه ذلك، فهذه الدولة لها أخلاق صحيحة وسليمة. أمّا إذا لم تكن هذه الأمور بل كان الاستبداد، والإسراف، والترف، والتبذير، والبطش؛ كما قال سبحانه وتعالى: ((وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ))(6)، بتقريب فئة، وتبعيد فئة، واتّخاذ بطانة للمؤامرة والمكر دائماً، فهذه الدولة، تصبح دولة لا أخلاقية.
ومن الواضح أنّ الفرد كالمجتمع، والمجتمع كالفرد، وكلاهما كالحكومة والحزب، فيكتب لها البقاء، إذا كانت لها أخلاقيات صحيحة؛ لأنّ الأخلاقيات الصحيحة هي التي تواكب الحياة، وتكون حسب موازين الكون، والفطرة،وليس حسب موازين ما يريده الإنسان، وما تشتهيه نفسه. فمن يقول: لا أعترف بالجاذبية، ويُلقي نفسه من شاهق، لابدّ وأن يصطدم بالأرض، ويتقطّع جسده قطعاً متناثرة. كذلك من يقول: إنّي لا أؤمن بالهواء الطلق النظيف في البيئة السليمة، فأنتقل إلى بيئة موبوءة، لابدّ وأن يصيبه الوباء. وهكذا بالنسبة إلى من لا يعترف بأنّ النار محرقة، فيدخلها فلابدّ وأن يحترق.
وهذه الأمور الملموسة للإنسان، تقاس عليها الحكومات والدول، فإنّ الله سبحانه وتعالى كما جعل لكلّ شيء موازين وحدوداً من الأمور المخلوقة، كذلك جعل للمجتمعات والأفراد مثل هذه الموازين. فالعصفور لا يكبر إلى حجم الحمام، والحمام لا يكبر إلى حجم النعامة، والنعامة لا تكبر إلى حجـم الفيل، والعكس صحيح أيضاً، فالفيل لا يصغر إلى حجم النعامة، والنعامة لا تصغر إلى حجم الحمام، والحمام لا يصغر إلى حجم العصفور، وهكذا بالنسبة إلى سائر موازين الكون حسب ما قاله سبحانه وتعالى: ((الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى))(7)، وهكذا جعل الله سبحانه وتعالى لكلّ من الاقتصاد، والاجتماع، والتربية، والفكر، والثقافة موازين خاصّة، فـإذا خالف كائن ذلك الميزان، اصطدم بموازين الله سبحانه وتعالى، وسننه؛ ليتحطّم ويفنى.
مثلاً: بنو أميّة(8) خالفوا موازين الله سبحانه وتعالى في الحكم؛ ولهذا تحطموا بعد عهد من الطغيان والجبروت، وكان سبّ الإمام أمير المؤمنين (ع) مَعلماً لطغيانهم، فقد ذكر لنا الشافعي(9) أنّ بني أميّة نصبوا 70 ألف منبر لسبّ علي (ع)، ممّا يدلّ على كثرة منابر المسلمين في طول البلاد وعرضها، ومع ذلك، لمّا خالفوا سنن الله سبحانه وتعالى في الحكم، قصم ظهورهم، وأقصاهم عن السلطة، وهكذا رأينا نحن في زماننا كيف سقط الشاهان ـ رضا شاه وابنه(10) ـ في إيران، وكيف سقط حكّام العراق من عبد الكريم قاسم(11)، وعبد السلام عارف(12)، وعبد الرحمن عارف(13)، والبكر(14)، فإنّ الحكام إذا خالفوا موازين الله سبحانه وتعالى، يكون حالهم حال من يخالف موازين الله في إلقاء نفسه من الشاهق.
وعلى كلّ حال: فأخلاقيّات الحكّام سواء انبعثت عن الإيمان بالله واليوم الآخر أو انبعثت عن العقل الذي يقول: إنّ الأخلاقيات المنحرفة تسبّب سقوط الحكم حالها حال أخلاقيات الفرد، فإنّ الفرد إذا كانت له أخلاقيات صحيحة عن إيمان أو عن تعقّل، لابدّ وأن يزدهر، وأن يتقدّم، وأن يلتفّ حوله الناس، ويصل إلى هدفه، بينمـا إذا لـم يكـن كذلك، انفض الناس من حوله. كما قال الإمام أمير المؤمنين (ع): (لا وحشةَ أوحش من العجب)(15) .

يسسلمو اخي على الطرح الراائع
ودى وتقديري
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©


سلمت .. ودام ابداعك
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©


سلمت يداك على الطرح
دمت بكل خير

يسآـموَ أفرآحَ ع المرورَ

وَدي (~ ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

يسآـموَ صصمتيَ

وَدي (~ ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

يسآـموَ ميسوَ ع المرورَ

وَدي (~ ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

يسآـموَ ريمَ ع المرورَ

وَدي (~ ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.