بسم الله الرحمن الرحيم
يحدث في مدارسنا الآن!!!
التبشير هو ترجمة للمصطلح الإنجليزي: Missionary.
وهذه ترجمة خاطئة لمحتوى هذا المصطلح، ولكن يكون للترجمة المتعجلة – مثل جميع المصطلحات الخاطئة التي تنتشر فيما بيننا – هذا الفضل في الترويج لهذا المصطلح. وغالباً ما يكون ذلك عن عمد. فحين يظهر مصطلح جديد للوجود، يلهث المترجمون لصك مرادف له باللغة العربية. وغالباً فإن أول ما يوضع لهذا المصطلح هو الذي يظل ملازماً له، بالرغم من خطئه إن ظهر وجود مثل هذا الخطأ فيما بعد.
والتبشير من البشرى والبشارة، مصدر لفعل بَشَّر، ابْشر، وبَشِّر، أي: أخبر خبراً يؤثر في البشرة. فهو في أصله اللغوي يدل على التبليغ والإخبار بما يَُسر ويُفرح حقيقةً، وبما يسوء ويحزن مجازاً.[1]
وأرى أن أقرب ترجمة لهذا المصطلح هي كلمة " التنصير "، ويعني التحويل إلى النصرانية: نصّره تنصيراً، أي: جعله نصرانياً. ذلك أن استخدام لفظ التبشير فيه مجاراة لما يهدف إليه القائمون به من الخداع والزيف في استخدام ألفاظ برّاقة تحمل معنى السرور والفرح والبشر، مما يحمل الناس على الاستعداد لقبول ما يُّوجه إليهم.[2]
ومن المعلوم أن للتبشير –أو التنصير– وسائل عديدة يستخدمها لتحقيق مآربه، لعل من أهمها استغلال الجهل والمرض والفقر الذي يعاني منه معظم أفراد الشعوب المسلمة، في بسط نفوذهم وتحقيق غاياتهم. ومن هنا كان إنشاء المدارس والمستشفيات وملاجئ الأطفال هي أهم وسائل التبشير في تحقيق أغراضه.
وسوف نكتفي هنا بالتركيز على المدارس التي نشأت في أحضان التبشير والاستعمار، ثم استمرت فيما بعد وإلى الآن كما هي دون تغيير، لنرى كيف يتعلم داخلها أطفالنا، وما هي العقيدة التي يتشربونها فيها، فهي تُستخدم كمعاول هدم لهذا الدين!!!
فقد فُتن المترفون من المسلمين بمظاهر العناية التعليمية والتربوية التي تقدمها المدارس الأجنبية والتبشيرية للتلاميذ الذين يتعلمون ويتربون فيها، وفُتنوا بما فيها من تعليم جيد للتكلم باللغات الأجنبية، فصاروا يتسابقون إلى دفع أبنائهم وبناتهم إليها، ويبذلون لأصحابها الأجور الشهرية أو السنوية الكبيرة، ثمن قبول أبنائهم تلاميذ فيها.[3]
ويعيش هؤلاء الأبناء ضمن هذه المدارس غرباء في كل شيء: غرباء في الدين، وغرباء في التقاليد والعادات، ثم تلجئهم الضرورة إلى التَّكيف مع الواقع الذي يعيشون فيه، وتقليد كل ما يشاهدونه، ومحاكاة الأوضاع الاجتماعية التي تُفرض عليهم، وبعد فترة من الزمن تصبح هذه الأمور التي اقتبسوها بالمحاكاة والتقليد ومحاولة التكيف مع الواقع جزءاً من حياتهم، وأسلوباً محبباً لهم. فإذا رجعوا إلى أهليهم نفروا من واقعهم واستنكروه، وشعروا بأنهم غرباء، ووقعوا في صراع عنيف بين الحياة التي نشأوا عليها في مدارسهم، وبين الحياة التي يشعرون بأنها حياة أهلهم وقومهم. ولكن تأثير الحياة التي عاشوها في هذه المدارس المنطلقة من القيود الدينية وقيود المجتمعات الإسلامية، والمُزذينة بمظاهر الأناقة والترتيب والنظام، تظل أقرب إلى أهوائهم ونفوسهم وما يشتهون.[4]
إن مهمة هذه المدارس هي تخريج أجيال من أبناء المسلمين لا يعرفون شيئا عن عقيدتهم، فيعيشون غرباء في أوطانهم، وهذا هو مضمون كلمة المبشر البغيض زويمر موجها حديثه للمبشرين، في مؤتمر القدس الذي عقده المبشرون في عام 1935: " إن مهمة التبشير التي ندبتكم لها الدول المسيحية للقيام بها في البلاد الإسلامية ليست هي إدخال المسلمين في المسيحية، فإن في هذا هداية لهم وتكريماً، وإنما مهمتكم أن تُخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله، وبالتالي لا صلة له بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها، ولذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية ".[5]
أي أن مهمة التبشير –وفقاً لما يقوله زويمر – هي إخراج المسلم من الإسلام … وليس من الضروري بعد ذلك أن يكون مسيحياً، لأن هذا شرف لا يستحقه المسلم، إلى هذا الحد هم يحتقروننا، ونحن للأسف نسعى إليهم ونحشر أنفسنا وسطهم!!!
إن الغرض هو إغواء المسلمين تحت شعار ومناسبات مختلفة!
وفي هذا يقول المُّبشر رايد: " إن الوصول إلى المسلمين صعب … ذلك لأن المسلمين يشكّون فيمن يتبرع لهم "من المبشرين"، ويعزون عمله إلى مأرب ما … إنني أحاول أن أنقل المسلم من محمد -صلى الله عليه وسلم – إلى المسيح -عليه السلام -، ومع ذلك يظن المسلم أن لي في ذلك غاية خاصة (!!!!). أنا لا أحب المسلم لذاته، ولا لأنه أخ لي في الإنسانية، ولولا أنني أريد ربحه إلى صفوف النصارى، لما كنت تعرضت له لأساعده.[6]
ويرى أحدهم – وهو هنري جسب – أن التعليم في مدارس الإرساليات المسيحية إنما هو واسطة إلى غاية فقط، هذه الغاية هي قيادة الناس إلى المسيح- عليه السلام -، وتعليمهم حتى يصبحوا أفرادا مسيحيين وشعوباً مسيحية.[7]
وأعرض فيما يلي نماذج لما يتعلمه أطفالنا في هذه المدارس المشبوهة، والتي نلجأ إليها بدوافع عديدة، منها تعليم الأولاد للغة الأجنبية، أو لرخص الرسوم المطلوبة لهذه المدارس، أو لدقة العملية التربوية في هذه المدارس … الخ. وفي الواقع إذا كانت هذه الأسباب صحيحة – هي أو غيرها – لحد ما، إلا أن ما تقدمه هذه المدارس لأولادنا هو السم الناقع المدسوس في العسل.
وهاكم النماذج على صحة ذلك:
عندما احتفلت إدارة إحدى المدارس بعيد الميلاد، ألقت ناظرة المدرسة كلمة بهذه المناسبة قالت فيها أمام الجميع، الذين بلغت نسبة المسلمين منهم تسعين بالمائة، قالت بالحرف الواحد: " إن الرب أُعجب بستنا مريم وبجمالها وبخدودها الحمر وتزوجها وأنجب منها سيدنا عيسى عليه السلام "!! وهذا مخالف لما يتعلمه تلميذ الصف الأول في سورة الإخلاص: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [ الإخلاص: 1 – 4] .[8]
وبسبب ذلك، فقد تعلق الطلاب بعيد ميلاد المسيح، وأدخلوا بيوت أهليهم " شجرة الميلاد ".[9]
رغم أن أغلبية طلاب إحدى المدارس من المسلمين، احتفلت إدارة المدرسة وعلى رأسها المديرة النصرانية بمناسبة عيد الميلاد احتفالاً رسمياً، ووزعت فيه الحلويات والشيكولاته، وعندما احتفلت الإدارة نفسها بالمولد النبوي الشريف، كان احتفالاً عادياً.[10] ولكن قامت إحدى المدرسات بشراء الحلويات بعد أن جمعت المال من زميلاتها.[11]
درست إحدى الطالبات المسلمات مادة الدين المسيحي لمدة ثلاث سنوات، إلى أن جاءت مدرسة الدين الإسلامي وكشفت الأمر، فما كان من مديرة المدرسة إلا أن حوّلت هذه المدرسة إلى تدريس التربية الرياضية، خشية منها!!![12]
قامت إحدى مدرسات اللغة العربية، وهي مسيحية الديانة، بتحريف سورة النصر أمام مجموعة من المدرسات المسلمات، وقالت: " إذا جاء نصر الله والفتح، ورأيت الناس " يخرجون من "دين الله أفواجاً، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً "!!![13]
في إحدى المدارس سألت المُبشّرة تلميذاً مسلماً:
– من هو أعظم رجل في التاريخ؟
فأجاب التلميذ المسلم:
– محمد يا أَبْلْة …
فقالت له المدرسة:
– اجلس!!
ثم سألت المدرسة تلميذا آخر السؤال نفسه، فأجاب التلميذ:
– المسيح يا أبلة!!
وهنا صاحت المدرسة:
– برافو … برافو … صفقوا له … صفقوا!!!
ثم منحت التلميذ النجيب – ثمناً لإجابته – كيساً من الشيكولاته والحلوى.[14]
بلغت الوقاحة بإحدى المدرسات المبشرات أن افتعلت حادثة سرقة، أو ضياع حقيبة أحد الأطفال في المدرسة، وفي محاولة للتمويه والاستدراج، قالت المدرسة الآثمة:
– أتدري من سرق حقيبتك؟ إنه محمد الذي سرق الحقيبة؟!!
إن الطفل المسكين يبكي، وبالتالي يُضمر شيئاً ما في قلبه لهذا السارق الوهمي … الذي اسمه محمد!!! ثم بعد ساعة أو أقل … تأتي هذه الكاذبة المفترية إلى الطفل فرحة مبتهجة، وتقول له:
– لقد وجدنا حقيبتك … أتدري من أحضرها إليك يا … ؟!! إنه المسيح الذي حزن كثيراً من أجلك!!![15]
في إحدى المدارس الحكومية طالبت إحدى المدرسات تلميذاتها بكتابة بحث عن إحدى الشخصيات التاريخية، فوقفت تلميذة وقالت:
– لقد اخترت النبي محمداً صلى الله عليه وسلم.
فإذا بالمدرسة تنفعل في وجه الطالبة المسلمة، ثم تقول لها في عصبية:
– لا … لا … اختاري " بوذا "، بدلاً من محمد-صلى الله عليه وسلم -!!!![16]
وفي مدرسة أخرى، طلب المدرس من تلميذه إعراب هذه الجملة:
صعد الحمار على المنبر!!!
لقد رفض التلميذ المسلم هذه الإهانة من مدرس غير مسلم، فقال التلميذ لأستاذه في أدب:
– إن المنبر لا يصعده حمار يا أستاذ، بل يصعد عليه عالم جليل مسلم!!
فأعاد المدرس سؤال التلميذ مرة ثانية:
– إذن فأعرب:
نهق الحمار من فوق المئذنة!!!
وتكرر الرفض من التلميذ المسلم، لأن المئذنة لم تُبن لنهيق الحمير، أو نقيق الضفادع، بل لإعلان كلمة الله الواحد الأحد، ولم يُسّلم المدرس … أو المدلّس … بل أصر على موقفه تجاه التلميذ المسلم … الذي أصر هو أيضاً على موقفه من هذا المدلس![17]
قامت بعض المدارس الأجنبية بالكويت في عام 1413 هـ بعمل غناء يحكي قصة نبي الله يونس – عليه السلام – وفيه مقاطع افتراء على الله تعالى، لتلقينه الطلاب، فأصدرت لجنة الفتوى في الكويت فتوى في إنكار ذلك وبيان خطره.[18]
استمع بعض أولياء أمور الطلاب الذين زّجوا بهم في هذه المدارس من أولاده ترانيم كنسية، فاستغربوا ذلك، وعند المتابعة علموا أنهم قد علموهم الصلاة المسيحية.[19]
وكان مدرس في المدارس اليسوعية في بيروت يسأل الطلاب في صباح كل يوم: " هل أنت بنعمة الله مسيحي "؟ فيجيبوا: بنعم. وفي يوم أجابوا جميعهم بذلك، إلا مسلماً أجاب بقوله: " أنا مسلم "! فناله من الغضب والأذى ما ناله، وما زال المدرس به، حتى أجاب بقوله: " نعم "!![20]
وأخفق طالب في دراسته، ولكن لما كان والده يعلم نشاطه وذكائه، فقد ذهب إلى المدرسة يسأل عن سبب ذلك، فأجابته المدرسة بأن الطالب لم يكمل تثقيفه الديني، لأنه شوهد يصلي صلاة المسلمين في خفية عن إخوانه، فلذلك اُعتبر سيء السلوك وأخفق في دراسته.[21]
ذكر بعض الطلبة من أبناء المسلمين الذين يدرسون في بعض هذه المدارس، أن من الشائع في المدرسة التي يتلقى تعليمه فيها أن يدرس أن القرآن الكريم من وضع الراهب بَحيرى، وأن هذا الراهب قد أخذ الإنجيل وصاغه صياغة جديدة، وزاد عليه التشريعات التي توافق زمنه، وهي التي تطابق ما جاء في السور المدنية، ثم إن هذا الراهب قد أعطى كل ذلك لمحمد -صلى الله عليه وسلم-، فتبناه وسماه قرآناً.[22]
ذكر بعض أبناء المسلمين الذين يتلقون علومهم في هذا النوع من المدارس التبشيرية المعادية للإسلام، أن مما يحاوله المعلمون فيها إقناع أبناء المسلمين من طلابهم بأن المسلمين يعبدون الكعبة، وهي حجارة مبنية، ويعبدون الحجر الأسود، فيسجدون عليه ويقبلونه، وغرضهم من ذلك إلقاء الشبهة بأن عبادات المسلمين لون من ألوان العبادات الوثنية، التي ينكرها المسلمون على غيرهم ممن يتخذون من البشر آلهة يعبدونها، ويعبدون صورها وأوثانها من دون الله.[23]
فهل ما زلتم بعد كل هذا تُصرّون على تعليم أولادكم في هذه المدارس المشبوهة؟!! إن ظروف الحياة الآن تمنع الأب والأم – التي تركت بيتها وخرجت للعمل – من متابعة أبنائهم بدقة ومعرفة ما الذي يُلقى في أفهامهم في المدرسة! فإذا كان الحال كذلك، فليُحقوا أبنائهم بالمدارس الرسمية أو الخاصة، ويَبرءوا لدينهم، حتى إذا ما سُئلوا عما فعلوه بأولادهم يجدوا جواباً، يوم لا ينفع مال ولا بنون!!!
6 من صفر عام 1445 ( الموافق في تقويم النصارى 6 من مارس عام 2024 ).
————————————-
[1] التبشير والاستشراق في ميزان الإسلام، عمر عبد العزيز قريشي، ص: 9.
[2] التبشير والاستشراق في ميزان الإسلام، ص: 10. وقد عرض المؤلف – حفظه الله – لأسباب عديدة وراء رفض إطلاق هذا المفهوم، فأنظره غير مأمور.
[3] أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها: التبشير والاستشراق والاستعمار – دراسة وتحليل وتوجيه، عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني، ص: 79.
[4] أجنحة المكر الثلاثة، ص: 80.
[5] جذور البلاء، عبد الله التل، ص: 275.
[6] التبشير والاستعمار في البلاد العربية: عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى إخضاع الشرق للاستعمار الغربي، مصطفى الخالدي وعمر فروخ، ص: 193.
[7] التبشير والاستعمار، ص: 66.
[8] أفيقوا … قبل أن تدفعوا الجزية، عبد الودود شلبي، ص: 90.
[9] المدارس العالمية الأجنبية الاستعمارية: تاريخها ومخاطرها، بكر عبد الله أبو زيد، ص: 74.
[10] لا يُفهم من هذا الكلام أننا نؤيد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فهذه من البدع التي انتشرت وللأسف في ديارنا وليس لها أصل من الدين. إلا أن المعنى أنهم في المدرسة يُظهرون الفرح والسرور في كل ما يخص عيسى عليه السلام، بينما يُحقرون من شأن كل ما يتعلق بنبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم!!!
[11] أفيقوا … قبل أن تدفعوا الجزية، ص: 90-91.
[12] أفيقوا … قبل أن تدفعوا الجزية، ص: 92.
[13] أفيقوا … قبل أن تدفعوا الجزية، ص: 92.
[14] أفيقوا … قبل أن تدفعوا الجزية، ص: 96.
[15] أفيقوا … قبل أن تدفعوا الجزية، ص: 96 – 97.
[16] أفيقوا … قبل أن تدفعوا الجزية، ص: 97.
[17] أفيقوا … قبل أن تدفعوا الجزية، ص: 98.
[18] المدارس العالمية الأجنبية الاستعمارية: تاريخها ومخاطرها، ص: 73.
[19] المدارس العالمية الأجنبية الاستعمارية: تاريخها ومخاطرها، ص: 73.
[20] المدارس العالمية الأجنبية الاستعمارية: تاريخها ومخاطرها، ص: 73 – 74.
[21] المدارس العالمية الأجنبية الاستعمارية: تاريخها ومخاطرها، ص: 74.
[22] أجنحة المكر الثلاثة، ص: 82.
[23] أجنحة المكر الثلاثة، ص: 85.
تسلمىى بنوته طرح قيم
وفعلا يجب تكون فى مراجعة دائمه
لتجنب مثل هذا ,,, سلمت من كل شر
يسلمواخى على مرورك الغالى
يسلمودلوعه على مرورك الغالى
سلمت يداك ع الطرح الرائع والموضوع القيم
وًدىْ
يسلموصمتى علىمرورك الغالى