التفكر فى القرآن وتدبره "كتبها: ابراهيم المسعودى"

– اذا استوقفتك اية فى القرآن او جزء منها فأعلم أن ورائها أعجاز عظيم..وأن من رحمة الله بنا أنها تفهم على أكثر من معنى وكلها صحيح حتى تعطى للعقل ادراكها فى وقتها .. فهب مثلا حينما يقول رب العزة فى القرآن الكريم " يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل"..فحينما سمعت فى زمن لم يشأ الله أن يظهر فيه علمه على خلقه من ادراك للكون والفلك باحدث الاجهزة التى نمتلكها الان ومن علوم لا حصر لها..فحينما سمعها البدوى فى زمنه هذا فهمها على أن الليل والنهار يتعقبان وراء بعضهما وفى زمنهم هذا شئ يعقلوه وايضا كمعنى فى الاية فهو صحيح .. اما فى زمننا هذا ومع التقدم الذى نشهده كل يوم فقد فهمه عقلنا على ان الارض كروية الشكل وانها تدور حول نفسها وتدور حول الشمس فى فلك يعلمه الله ونتيجة لذلك يتعاقب الليل والنهار ..فلو قال الله فى قرآنه صراحتا ان الارض كروية وانها تدور فى فلك ..ما فهمها الكثير وما ادركوا كيفية هذا..فسبحان صاحب هذا الكلام الذى ما ترك من العلوم ومن تاريخ ما سلف من شئ فى هذا القرآن" ما فرطنا فى الكتاب من شئ "..
– وهب مثلا حينما يقول الله فى كتابه " والارض مددنها "..فحينما سمعها البدوى فى عصر الرسول"عليه الصلاة والسلام"..فهمها ان الارض واسعة امام البصر فكلما تسير فيها تراها ممدودة امام عينيك لا نهايه لها ..وهذا كمعنى فى الاية صحيح..ولكن فى زمننا هذا ومع توافر العلم والعلماء .فسرت وفهمت على ان الارض لانهاية لها..اى لا حافة لها فكلما سرت فيها فلا تجد لها نهاية ..وان الشئ الذى لا نهاية له من الاشكال الهندسية هى الكرة فلا يوجد بها حافة ولا نهاية فيها..وهذا ما تحدثت عنه الايه وقصده الله..
وهذا على قدر فهمنا وعقولنا وعلى ما عرفناه من علم..ونظرا لان علم الله واسع وان علمنا محدود فقد يكون هناك الكثير من المعانى لنفس الاية.. وكما توصلنا الى معنى فى زمننا لم يكن مفهوما فى زمن من سبقنا فانه قد ياتى من بعدنا على علم اكثر من علمنا بفهم غير فهمنا ايضا قد تضمنته الايه .. وبذلك نكون قد فهمنا ان تلك الايه وبالتالى كلام الله هو لا نهاية له من الفهم ومن العطاء فسبحان الله..صاحب هذا الكلام ..من علمنا وارشدنا..
– وفى الاية التى ذكرت من قبل" والارض مددنها " فاننى والله اعلم قد فهمتها بمعنى اخر غير الذى توصلوا اليه من معانى كلها صحيح والله اعلم..فقد فهمت ان الله يقول" الارض مددنها "اى دعمناها..حيث لم يذكر بعد مددنها الشئ الممدود فنفهم من ذلك ان الله امد الارض بالكثير الذى لاحصر له..فقد مدها بالحديد الذى يسقط من السماء على الارض..واسنادا لهذا الكلام يقول الله " وانزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس "والنزول يكون من شئ مرتفع الى شئ منخفض والسماء بالنسبة لسكان الارض هى اعلى ..فسقوط الحديد هو من السماء الى الارض وهل هذا ليس بامداد من الله للارض كما قال ..وقد توصل العلماء الى معرفة ان هناك من النجوم ما يتفجر فى السماء وتتناثر فيه كتل من الحديد تسبح فى السماء وحينما تقترب من مجال جاذبية الارض تسقط فى الارض..
ايضا يمد الله الارض ومن عليها بالرزق فيمدها بالحرارة التى تاتى من الشمس والتى هى سبب لبقاء الحياة فى الارض ويمدها بالثبات فى الكون حيث تسبح الارض فى فلك.. ولولاه لتاهت الارض فى الكون واصطدمت بالاجرام الاخرى..ايضا مدها الله بطبقات الغلاف الجوى التى تحمى الارض من كوارث قد تدمرها فهذا امداد لها بالحماية والبقاء ..ايضا مدها بالانهار التى تنزل من الجنه وتسير فى الارض حيث قال رسول الله حديثا يذكر فيه 4 انهار تجرى فى الارض ومنبعها الجنه..وهذا حديث اسنادا لهذا الكلام" سيحان وجيحان والفرات والنيل كلها من انهار الجنة "..ايضا قال كعب الاحبار : ان النيل هو نهر العسل فى الجنة والفرات هو نهر الخمر فى الجنة وسيحان هو نهر الماء فى الجنة وجيحان هو نهر اللبن فى الجنة ".. ايضا مدها بكل المخلوقات التى هى اساس الحياة عليها .." هو الذى يريكم اياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر الا من ينيب" الاية 13 سورة غافر ..وهناك الكثير من الكلام الذى يوضح ما أقول ولو ذكرنا كل شئ بالتفصيل ما يكفينا كلام فسبحان من اختصر كل هذا فى كلمة واحدة وهى "مددنها" فسبحان الله..
ومما فهمته من معنى لغوى للكلمة انه يقول مددنها ولم يقل الارض امددناها او يقول امديناها ولكن قال مددناها اى امددناها ليس مرة واحدة ولكن اكثر من مرة واكثر من شئ امدها الله به وتعنى الكلمة مددناها اى اعطيناها حتى كفايتها او حتى ينفذ عطائنا …
ونظرا لان عطاء الله غير محدود فان امداد الارض لا ينتهى حتى ياذن الله بقيام الساعة….
والله اعلم بما قلت او كتبت……..