صور حنا مينه
سيرة حياته
وُلِدَ حنا مينه في اللاذقية عام 1924، والدته اسمها مريانا ميخائيل زكور، وقد رُزِقَت بثلاث بنات كن بالنسبة لذلك الزمان ثلاث مصائب، عانت منهن الكثير الكثير، فالوسط الفقير إلى حد التعاسة كان يشكل عقلية سلفية بالغة القسوة، وقد تعاون هذا الوسط، وما فيه من ظلم ذوي القربى على إذلال الوالدة باتهامها أنها لا تلد إلا البنات، وكان المطلوب أن تلد المرأة الصبيان، وفي الأقل الأقل، أن تلد صبياً بعد بنت، لكن القدر شاء أن تحمل وتلد البنات الثلاث بالتتابع، الأمر الذي كان يحمل إليها مرارة الشقاء بالتتابع أيضاً.
وهكذا إلى أن أتى حنا في الحمل الرابع، وبكيت والدته فيه من الفرح بينما كانت قبل ذلك تبكي من الحزن، وهكذا بعد طول انتظار وطول معاناة أتت هذه المنحة مهددة بالأمراض، والخوف عليه منها، ثم الدعاء إلى الله في أن يعيش، حتى لا تعيش الوالدة في الخيبة من جديد، وكان الموت والحياة يحومان حول فراش حنا الذي كان طراحة على حصيرة في بيت فقير إلى حد البؤس الحقيقي؛ لقد كان شمعة تنوس ذبالتها في مهب ريح المرض، وكانت الوالدة تسأل الله، وتنذر النذور، وتبتهل بكل ما في الابتهال من ضراعة ألا تنطفئ الشمعة التي كانها، وشاء الله أن يعيش حنا في قلب الخطر، وهذا الخطر لازمه حتى الشباب، وعندما تحول من خطر الموت إلى خطر الضياع، في السجون والمنافي، وهذه التي أبكتها بكاء مضاعفاً خشية ألا تراه وهو يعطي نفسه للعذاب في سبيل ما كان يسميه التحرر من الاستعمار الفرنسي، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
إذن، تعين على الطفل الذي جاء إلى الدنيا أن يهاجر مع عائلته من اللاذقية إلى مدينة السويدية في لواء إسكندرون، ثم هاجرت إلى الإسكندرونه، وثم إلى الريف، وبعدها عودة إلى الإسكندرونه نفسها حيث عاش طفولته في حي «المستنقع»، ليدخل في السابعة من عمره المدرسة، وينال الابتدائية عام 1936، ويوقف دراسته. ذلك أنه لم يكن بالإمكان إرساله لمتابعة تعليمه فبالكاد كان لديه «صندل» ينتعله شتاء، فيما يمضي شهور الصيف حافياً. فالأب كان حمالاً في المرفأ، وأحياناً بائعاً للحلوى، أو أجيراً في بستان، وكثيراً ما كان يترك عائلته ويرحل بحثاً عن عمل، لتبقى الأم تعاني مع أطفالها من الخوف والجوع، ما اضطر حنا للعمل في سن مبكرة.
و كانت أسرته تتلقى المساعدة والشفقة من الكنيسة، وقد تحدث عن طفولته في الإسكندرونه قائلاً: «طوال أربع سنوات كنت أقوم مع بعض أطفال المدرسة بالخدمة في الكنيسة، نطفئ الشموع، نحمل الأيقونات، وننام أحياناً واقفين، بكلمة، صلّيت بما فيه الكفاية، أنا مطمئن من هذه الناحية. وفي باحة المدرسة والكنيسة كان ثمة قبور يونانية قديمة، وعلى أحدها كان مجلسي في ساعات الضيق والغربة، والجوع في أحيان غير قليلة، على هذا القبر تعلمت أن أحلم بالمدينة الفاضلة قبل أن أعرف اسمها، وبالحب قبل أن أبلغ السن التي يحق فيها لمثلي أن يحب» وهكذا كان لحياته القاسية أثرها في رواياته تلك، وقد قال عنها: «كنت أعاني البطالة والغربة والفقر والجوع وأحسد الكلب لأن له مأوى».
لقد كان والده رحمه الله رحالة من طراز خاص، لم ينفع ولم ينتفع برحلاته كلها، أراد الرحيل تلبية للمجهول، تاركاً العائلة أغلب الأحيان في الأرياف، للخوف والظلمة والجوع ويقول حنا: «لطالما تساءلت وراء أي هدف كان يسعى؟ لا جواب طبعاً، إنه بوهيمي بالفطرة».
نما حنا عليلاً، وقد عملت أمه وأخواته الثلاث خادمات، أما هو الصبي الوحيد الناحل فقد عمل أجيراً.
في عام 1938، تمت المؤامرة بين تركيا وفرنسا كما يذكر حنا، وأُعطِيَ اللواء إلى تركيا، ودخل الجيش التركي إسكندرون. وفي عام 1939 حدثت هجرة الأرمن والعرب من لواء إسكندرون. وذكر حنا أنه كان ابن ستة عشر ربيعاً عندما هرب في أيلول عام 1939 من إسكندرون إلى اللاذقية عن طريق كسب. ومن احتكاكه مع الأرمن في هذه الظروف كتب فيما بعد روايته «الفم الكرزي».
وكان حنا قد دخل المعترك السياسي الحزبي مبكراً منذ أن كان فتى في الثانية عشرة من عمره، وناضل ضد الانتداب الفرنسي، وعند وصوله اللاذقية عمل حمّالاً في المرفأ، ووجد أن العمل الحزبي في اللاذقية صعب، فشرع مع أصدقائه في تأسيس نقابات في المرفأ، وهكذا استوحى من هذه الحياة فيما بعد روايته «نهاية رجل شجاع».
وكان حنا يبيع علناً في الشوارع جريدة «صوت الشعب»، ويروي حنا أنه كانت هناك صعوبة في توزيع الجريدة بسبب مقاومة الإقطاعيين، وأن أزلام الإقطاعيين لاحقوه وضربوه بالخنجر ليلاً في أحد الشوارع، وظنوا أنه قد مات، لكنه لم يذهب إلى المستشفى خوفاً من معاودة الاغتيال.
وهكذا بعد أن كبر حنا ألقى بنفسه في التيار الهادر لمقاومة الاحتلال الفرنسي، وما عاناه في السجون الفرنسية وحتى السجون الوطنية على امتداد عهد الإقطاع بعد الاستقلال كان يؤرق والدته التي تمنت لو لم ترسله إلى المدرسة التي حرصت على إدخاله إياها كي يتعلم «فك الحرف»؛ ولا يغرب عن بالنا أنه بعد أن أنهى الابتدائية في إسكندرونه، اشتغل في دكان حلاق، وفي ذلك الدكان تفتحت مواهبه، فاحترف كتابة الرسائل للجيران وكتابة العرائض للحكومة، كونه الوحيد الذي يفك الحرف في حي «المستنقع»، هكذا كانت بدايته الأدبية المتواضعة جداً.
إذن، بعد أن قاوم الاحتلال الفرنسي تطوع في البحرية بعد دخول قوات «فرنسا الحرة» إلى سورية في الحرب العالمية الثانية، ولما لم يكن له حظ في التعبئة والتسويق إلى العلمين، لقتال جيش رومل ذئب الصحراء، فقد ترك حنا الخدمة كجندي في البحرية ليصبح بحاراً لمدة قصيرة على المراكب الشراعية التي تنتقل بين مرافئ المتوسط العربية، وعلى هذه المراكب، وخلال العواصف، عاين الموت بنظرات باردة ومن هنا كان ولعه بالبحر ثم الكتابة عنه.
بعد الإبحار على المراكب، غدا الرغيف خيالاً، وكان عليه سداً لجوع العائلة، أن يركض وراءه. فقد اضطر بادئ ذي بدء للعمل حمالاً في المرفأ، ثم حلاقاً في دكان صغير على باب ثكنة في مدينة اللاذقية.
وفي عام 1948 انتقل حنا إلى بيروت حيث أمضى بعض الشهور قبل أن يستقر في العاصمة دمشق، حيث بدأ نجمه يصعد تدريجياً مع روايته «المصابيح الزرق» وعمله في الصحافة في جريدة الإنشاء التي أصبح رئيساً لتحريرها؛ كما عمل في السياسة، وكان قد تزوج من السيدة مريم التي لم تفارقه أبداً، وقد أنجبت له خمسة أولاد بينهم صبيان هما سليم وقد توفي في الخمسينيات في ظروف النضال والحرمان والشقاء، والآخر سعد أصغر أولاده، وثلاث بنات سلوى وسوسن وأمل. لكن عمله في السياسة أدى به إلى الرحيل إلى بيروت مجدداً ثم إلى المجر هرباً من «المباحث السرَّاجية»، ويذكر حنا النوم تحت الجسور في سويسرا وأخيراً إقامته في الصين خمس سنوات، وعودته إلى الوطن عام 1967 فأمضى بضعة شهور في اللاذقية ثم دمشق، حيث عمل في كتابة المسلسلات الإذاعية بالفصحى والعامية، قبل أن يعمل في وزارة الثقافة، وذلك بعد منفى اضطراري دام عشرة من الأعوام.
وهكذا فقد نفعته التجارب القاسية: «أنا الحديدة التي تفلوذت بالنار»، كما يقول في المقبل من أيامه، عندما بدأ بالكتابة الفعلية في الأربعين من عمره.
وقد أفاده العمل في البحر، في كتابة «الشراع والعاصفة»، والاختباء في الغابات أيام مطاردة الفرنسيين وفّر له مادة لكتابة «الياطر» (أي وسادة السفينة)، والتي ستغدو من أشهر رواياته رغم أنه لم يكتب الجزء الثاني منها.
في إحدى قصصه (الكتابة على الأكياس) يصور حنا الظروف الصعبة التي ميزت طفولته، وكيف جعل منه سوء التغذية صبياً نحيلاً غير قادر على القيام بعمل جسدي شاق، وحين أحس بضرورة مساعدة عائلته المعدمة مادياً، ذهب إلى الميناء، حيث اكتشف عدم قدرته على رفع الأكياس، فشعر بالأسى. وحين برزت حاجة لكتابة بيانات بسيطة على الأكياس اختاره «المعلم» لأنه يتقن الكتابة.
الجوائز التي حصل عليها
2 – جائزة سلطان العويس من الدورة الأولى عام 1991 على عطائه الروائي.
3 – جائزة المجلس الثقافي لجنوب ايطاليا، فازت بها رواية «الشراع والعاصفة» عام 1993، كأفضل رواية ترجمت إلى الإيطالية.
4 – جائزة «الكاتب العربي» التي منحها اتحاد الكتاب المصريين بمناسبة مرور ثلاثين عاماً على تأسيسه، اعترافاً بموقعه المتميز على خريطة الرواية العربية.
5 – وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة بتاريخ 28/5/2002م.
أدبه
أعماله
1-المصابيح الزرق، رواية، 1954.
2 – الشراع والعاصفة، رواية، 1966.
3 – الثلج يأتي من النافذة، رواية، 1969.
4 – ناظم حكمت وقضايا أدبية وفكرية، سيرة ودراسة، 1971.
5 – الشمس في يوم غائم، رواية، 1973.
6 – الياطر، رواية، 1975.
7 – بقايا صور، رواية، 1975.
8 – الأبنوسة البيضاء، مجموعة قصصية، 1976.
9 – من يذكر تلك الأيام، مجموعة قصصية بالاشتراك مع د. نجاح العطار، 1976.
10 – أدب الحرب، دراسة بالاشتراك مع د.نجاح العطار، 1976.
11 – المستنقع، رواية، 1977.
12 – ناظم حكمت: السجن–المرأة–الحياة، دراسة، 1978.
13 – ناظم حكمت ثائراً، دراسة، 1980.
14 – المرصد، رواية، 1980.
15 – حكاية بحار، رواية، 1981.
16 – الدَّقل، رواية، 1982.
17 – هواجس في التجربة الروائية، خواطر وتأملات، 1982.
18 – المرفأ البعيد، رواية، 1983.
19 – الربيع والخريف، رواية، 1984.
20 – مأساة ديميتريو، رواية، 1985.
21 – القطاف، رواية، 1986.
22 – كيف حملت القلم، مجموعة مقالات وحوارات، 1986.
23 – حمامة زرقاء في السحب، رواية، 1988.
24 – نهاية رجل شجاع، رواية، 1989.
25 – الولاعة، رواية، 1990.
26 – فوق الجبل وتحت الثلج، رواية، 1991.
27 – الرحيل عند الغروب، رواية، 1992.
28 – النجوم تحاكم القمر، رواية، 1993.
29 – القمر في المحاق، رواية، 1994.
30 – حدث في بياتخو، رواية، 1995.
31 – المرأة ذات الثوب الأسود، رواية، 1996.
32 – عروس الموجة السوداء، رواية، 1996.
33 – المغامرة الأخيرة، رواية، 1996.
34 – الرجل الذي يكره نفسه، رواية، 1998.
35 – الفم الكرزي، رواية، 1999.
36 – القصة والدلالة الفكرية، دراسة، 2000.
37 – حارة الشحادين، رواية، 2000.
38 – صراع امرأتين، رواية، 2001.
39 – البحر والسفينة وهي، رواية، 2024.
40 – حين مات النهد، رواية، 2024.
41 – شرف قاطع طريق، رواية، 2024.
42 – الذئب الأسود، رواية، 2024.
43 – الأرقش والغجرية، رواية، 2024.
44 – هل تعرف دمشق يا سيدي، مجموعة مقالات.
الروائي حنا مينه
مش قريت ليه شئ قبل كدا بس الواضح انه مبدع
تسلم العيون والايادى روان
للطرح القيم ~
يعافيك روان ع الافادة
توبيك راائع ودي
طـــــــــــــرح جـــدآ راــع
ماننـــحرم من جــديدك
تسسسسسلم الايادى روانا