التذكرة فيما بعد رمضان
إنَّ الحمد لله نحمَدُه، ونستَعِينه ونستَغفِره، ونستَهدِيه ونتوب إليه، ونَعُوذ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهَدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهَدُ أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا.
أمَّا بعد، أيها المسلمون:
اتَّقوا الله ربَّكم؛ فإنَّه عفو غفور جواد شكور، وهو وحده مُصرِّف الشهور، ومُقدِّر المقدور، يُولِج الليل في النهار، ويُولِج النهار في الليل، وهو عليمٌ بذات الصدور، وقد جعَل لكلِّ شيء أسبابًا، ولكلِّ أجل كتابًا، ولكلِّ عمل حسابًا، وما ربُّك بغافلٍ عمَّا تعملون، وجعل الدنيا سوقًا يغدو إليها الناس ويَرُوحون منها، فبائعٌ نفسه فمعتقها أو موبقها، وإنما يَظهَر الفرقان ويتجلَّى الربح من الخسران؛ ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [التغابن: 9 – 10].
أيها المسلمون:
تذكَّروا أنَّ الأيَّام أجزاءٌ من العمر، ومراحل في الطريق إلى المستقر، تفنونها يومًا بعد آخَر، ومرحلة تِلْوَ الأخرى، ومضيُّها في الحقيقة استنفاذٌ للأعمار، واستكمالٌ للآثار، وقربٌ من الآجال، وغَلْقٌ لخزائن الأعمال، إلى حين الوقوف بين يدي الكبير المتعال: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 30].
فاتَّقوا الله عبادَ الله في سائر أيَّامكم، وراقِبوه في جميع لحظاتكم، وتقرَّبوا إليه بصالح أعمالكم، والتوبة إليه من مَعاصِيكم وسيِّئاتكم.
أيها المسلمون:
في الأيَّام القليلة الماضية كنتم في شهْر رمضان شهر البركات والخيرات، شهر مُضاعَفة الأعمال والحسنات، تصومون نهارَه، وتقومون ما تيسَّر من ليله، وتتقرَّبون إلى ربكم – سبحانه – بفعل الطاعات، وهجر المباح من الشهوات، وترك السيِّئات الموبِقات، ثم مَضَتْ تلك الأيَّام، وقطعتم بها مرحلةً من مراحل العمر والعمل بالختام، فمَن أحسن فليحمد الله وليواصل الإحسان، ومَن أساء فليتب إلى الله وليُصلِح العمل ما دام في وقت الإمكان.
واعلَمُوا أنَّ الله – تعالى – يُعطِي الدنيا مَن يحبُّ ومَن لا يحبُّ، ولا يعطي الدين إلا لِمَن أحبَّ، فمَن أعطاه الله الدين فقد أحبَّه، وإنَّ الله – تعالى – إذا أراد بعبده الخير فتَح له بين يدي موته بابَ عملٍ صالح يَهدِيه إليه، ويُيَسِّره عليه، ويُحَبِّبه إليه، ثم يتوفَّاه عليه، وكلُّ امرئ يُبعَث على ما مات عليه، فالزَمُوا ما هَداكم الله له من العمل الصالح، واحذَرُوا الرجوع إلى المنكرات والقبائح، فليس للمؤمن منتهى من العباد دون الموت؛ قال – تعالى -: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99].
فنهْج الهدى لا يتحدَّد بزمان، وعبادة الرب وطاعته ليست مقصورةً على رمضان، بل لا ينقطع مؤمنٌ من صالح العمل إلا بحلول الأجل؛ فإنَّ في استدامة الطاعة وامتداد زمانها نعيمًا للصالحين، وقرَّة أعين المؤمنين، وتحقيقًا لأمل المحسنين، يُعمِّرون بها الزمان، ويملؤون لحظاته بما تيسَّر لهم من خِصال الإيمان التي يثقل بها الميزان، ويتجمَّل بها الديوان، وفي الحديث: ((خيرُ الناس مَن طالَ عُمرُه وحَسُنَ عملُه)).
وفي الحديث المتَّفَق على صحَّته عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أنَّ رسول الله – صلَّى الله عليْه وسلَّم – قال: ((لا يتمنَّينَّ أحدُكم الموتَ؛ إمَّا محسنًا فلعلَّه يزداد، وإمَّا مسيئًا فلعلَّه يَستَعتِب)).
وفي روايةٍ لمسلمٍ عنه عن رسول الله – صلَّى الله عليْه وسلَّم – قال: ((لا يتمنَّينَّ أحدُكم الموتَ ولا يدعُ به من قبل أنْ يأتيه؛ إنَّه إذا مات انقَطَع عملُه، وإنَّه لا يزيد المؤمنَ عمرُه إلا خيرًا)).
أيها المسلمون:
ألاَ وإنَّ لقبول العمل علامات، وللكذب في التوبة والإنابة أمارات، فمن علامة قبول الحسنة فعلُ الحسنة بعدَها، ومن علامة السيِّئة السيِّئة بعدَها، فأَتْبِعوا الحسنات بالحسنات تكن علامةً على قبولها، وتكميلاً لها، وتَوطِينًا للنفس عليها، حتى تصبح من سَجاياهم وكريم خِصالها، وأَتْبِعوا السيِّئات بالحسنات تكن كفَّارةً لها، ووقايةً من خطرها وضررها؛ ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 114].
وفي الحديث الصحيح عن النبيِّ – صلَّى الله عليْه وسلَّم – قال: ((اتَّقِ الله حيثما كنت، وأَتْبِعِ السيِّئةَ الحسنةَ تمحُهَا، وخالِقِ الناسَ بخلقٍ حسن))، وفي لفظ: ((وإذا أسَأْتَ فأحسِنْ)).
وقال – صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((مَن حلَف باللات والعُزَّى فليقل: لا إله إلا الله))؛ أي: لتكن كفَّارةً لحلفه بغير الله.
وإنَّ الله – تعالى – قد شرع لكم بعد رمضان أعمالاً صالحةً تكن تَتْميمًا لأعمالكم، وقربًا لكم عند مَلِيكِكم، وعلامةً على قبول أعمالكم؛ ففي "صحيح مسلم" عن أبي أيوب – رضِي الله عنه – أنَّ رسول الله – صلَّى الله عليْه وسلَّم – قال: ((مَن صام رمضان ثم أَتْبَعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر)).
وكان – صلَّى الله عليْه وسلَّم – يصوم الاثنين والخميس ويقول: ((تُعرَض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحبُّ أنْ يُعرَض عملي وأنا صائمٌ)).
وفي الصحيحين عن النبي – صلَّى الله عليْه وسلَّم – قال: ((صوم ثلاثة أيام من كلِّ شهرٍ صومُ الدهر كله)).
وقال – صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((أيها الناس، أفشُوا السلام، وأطعِمُوا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناس نِيام – تَدخُلوا الجنَّة بسلام)).
فاغتَنِموا هذه الأعمال العظيمة وداوِمُوا عليها؛ فإنَّ عمل نبيِّكم – صلَّى الله عليْه وسلَّم – كان ديمةً، واسألوا الله من فضْله فإنَّه ذو الفضل العظيم، وفَّقني الله وإياكم لما يحب ويَرضَى، وسلك بنا سبيل أولي التُّقَى، وثبَّتَنا على الحقِّ في الحياة الدنيا وفي الآخِرة؛ ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 – 182].
بارَكَ الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفَعَنا جميعًا بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستَغفِر الله العظيمَ الجليل لي ولكم من كلِّ ذنب، فاستَغفِروه يغفر لكم إنَّه هو الغفور الرحيم.
التذكرة فيما بعد رمضان
آمين يارب اللهم استجب الدعاء ..
عآشت الايآدي ..
يسلموو احمد شرفنى مرورك
بآركـ الله لكـ أسعد قلبكـ وأنآر دربكـ
يسلموو على مآقدمت من إبدآع
جعله الله في ميزآن حسنآتكـ
اللهم آآآمـــين
لكـ كل الشكر والتقدير
التذكرة فيما بعد رمضان
جزاك الله كل خير
يسلموو ميسو مشرفانى بمرورك
يسلموو قمر مشرفانى بمرورك
بارك الله فيك وجزاك خيرا اخي الكريم
على هذا الطرح القيم والمفيد
جعله في ميزان حسناتك ان شاء الله
يسلموو شموخى شرفنى مرورك
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .