عَلِيمٌ، خلق فسوى، وقدر فهدى، هو الأحد الصمد، الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ. وأشهد أن محمداً رسول الله حقاً، والمبلغ عن الله صدقاً، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه إلى يوم الدين. عباد الله، أن يخرج الناس متأثرين من خطبة، أن تكون الهداية منبعها من المسجد؛ شيءٌ مُتَصَوَّرٌ، وأن يخرج شخصٌ متأثراً من مدرسةٍ لموعظة أستاذ؛ شيءٌ قريبٌ إلى الذهن، أن يكون الإنسان في محاضرة أو درس، فيتأثر؛ شيءٌ مقبولٌ في الأذهان. لكن أن يخرج أناسٌ يهديهم الله من أحط أوساط الرذيلة والفساد، فهذا هو الشيء المدهش؛ أن تكون الهداية في وسط أناسٍ قد تمرغوا في أوحال الرذيلة والفواحش والشهوات والمجون دهراً طويلاً، ثم يتجهون بعد ذلك إلى هذا الدين، هذا أمرٌ محيرٌ فعلاً لمن لا يعرف السر في هذا الدين!. إنني أشير بهذه الكلمات إلى تلك الطائفة من الفنانات المعتزلات اللاتي قد اشتغلن ردحاً من الزمن بعرض أجسادهن ومفاتنهن في الأفلام والصور والرقصات والأغاني، أن توجد الهداية في الوسط الفني العفِن هذا أمرٌ فعلاً عجيب! إنها توبة الفنانات التي نسمع عنها في هذه الأيام، وفي كل فترة، حيث تَنْظَمُّ إلى تلك القافلة الكريمة من التائبات امرأة أخرى من النساء اللاتي كنُّ قد عملن في تلك الرذائل دهراً من حياتهن. إن توبة هؤلاء الفنانات فعلاً أمرٌ مدهشٌ ومحيرٌ؛ لأن هؤلاء خرجن من مستنقع الرذيلة، فإن المعروف أن أحط وسط من أوساط المجتمع هو الوسط الفني، بما يَمْخُر به من عُباب الرذيلة، وألوان الفساد وأمواجه. إن هذه الظاهرة التي اضطر العلمانيون والكتاب الفسقة والمجلات المنحرفة للكتابة عنها، وظهرت في بعض أغلفة المجلات المنحرفة بدلاً من صورة فتاة الغلاف الماجنة صورة فنانة متحجبة، لقد اضطروا إلى الاعتراف بالقضية؛ لأن المسألة لا يمكن تغطيتها، فإن هؤلاء المهتديات مشهورات، وليست القضية واحدة أو اثنتين، فإن المسألة عدد؛ حتى أُحْرِج المخرجون، واضطُروا للاستعانة بالممثلات من الدرجة الثانية، أو من ممثلات الكومبارس لإخراج وجوهٍ جديدة، تملأ الفراغات التي خلفتها توبة أولئك الفنانات، وشُنَّت الحرب بطبيعة الحال، وهذا متوقع؛ لأنه مكتوبٌ، لأنه منزلٌ في القرآن: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا إِنَّ ذَلِك مِنْ عَزْمِ الأمُور} [آل عمران: 186]. قيل: إنه قد دُفِعَت لهن الأموال، وكُتِبَ في أحد المجلات عبارة: مَن الذي دفع لـفاتن حمامة سبعة ملايين جنية حتى تتحجب؛ لكنها رفضت؟! كذب وافتراء. ولذلك قالت بعضهن: إنه يُدْفَع لنا الآن المبالغ الطائلة؛ لكي تتحجب الواحدة. أشاعوا الإشاعات، وقالوا: إن فلانة أصيبت بالمرض، وهذه فَقَدت الجمال؛ لكن مردودٌ عليهم بهذا التوالي والتتابع لبعضهن، وهن في قمة الشهرة والجمال وفي سن الشباب. إنها دليلٌ فعلاً -الهداية الموجودة في الوسط الفني العفِن- على عَظَمَة هذا الدين. إن هذه القافلة من الأسماء المشهورة: شمس البارودي ، و شادية، وهالة فؤاد، وكامليليا العربي، وهناء ثروت، وشهيرة، ونسرين، وسهير البابلي، وغيرهن من المعروفات جيداً لكثير من العوائل الإسلامية مع الأسف، من الناس الذين يأتون إلى صلاة الجمعة، وهم يشاهدون تلك المسلسلات الهابطة التي صار من الحرب على هؤلاء الفنانات إعادة عرضها، وتكثيف عرضها في صالات العرض، محاولة للضغط والحرب، هذه الأسماء وغيرها مَن ثبت منهن على الهداية، إنها صفعةٌ قويةٌ موجهةٌ لتجار الغرائز، وإنه إعلانٌ فعلاً أن هذا الدين باقٍ، وأن الله يهدي من يشاء، ولو كان الناس يستبعدون هدايتهم. إنه فعلاً سرٌ عجيبٌ في هذا الدين أن يهدي به الله مَن شاء، بهذا القرآن، بهذا التوحيد، بهذا النور، مَن شاء من عباده. إنه -فعلاَ- عجبٌ! إنه عجبٌ أيها الإخوة! والآن: هل لنا في عودة صادقة إلى هذا الدين؟! هل لنا أن نتمثل هذه المواقف، أو هذه المبادئ الموجودة في هذا الدين؟! هل لنا أن نكون دعاةً إليه؟!: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً، خير لك من الدنيا وما عليها). إنه فعلاً سرٌ عجيبٌ في هذا الدين أن يهدي به الله مَن شاء، بهذا القرآن، بهذا التوحيد، بهذا النور، مَن شاء من عباده. إنه -فعلاَ- عجبٌ! إنه عجبٌ أيها الإخوة! والآن: هل لنا في عودة صادقة إلى هذا الدين؟! هل لنا أن نتمثل هذه المواقف، أو هذه المبادئ الموجودة في هذا الدين؟! هل لنا أن نكون دعاةً إليه؟!: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً، خير لك من الدنيا وما عليها). هل لنا على الأقل أن ندعو بالثبات لأولئك الذين اهتدوا: أن يزيدهم الله هدىً وثباتاً؟ وأن نستحي من الله أن ننظر إلى تلك الأفلام وقد تاب مَن يمثِّل فيها… اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت. اللهم اشف مريضنا، وارحم ميتنا، وأهلك عدونا، وانصر ديننا، واجمع كلمتنا، ورد غائبنا، واهدِ ضالنا إلى الحق يا رب العالمين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ