تاريخ العقل
كان الإنسان فيما مضى يهتم بما حوله، ولم يشغل نفسه كثيراً في فهم عقله الذي يقوم بهذا النشاط. وقد يكون للنظرة الفلسفية القديمة والمتعالية عن الواقع الأثر الأكبر في قلة الاهتمام بواقع العقل، فهو في نظر هذه الفلسفة جوهر مفارق للمادة يختلف في واقعه عنها، وهو يتميز بالثبات والكلية، وكل هذا يمنع البحث التفصيلي فيه.
وقد تابعهم على ذلك علماء الكلام في الحضارة الإسلامية عندما تبنوا المنطق الأرسطي وألحقوه بأصول الفقه الإسلامي، مع أن جينات هذا المنطق مختلفة عن جينات أصول الفقه، فكان أشبه بالعضو الغريب المزروع في جسد علم الأصول الأصيل. ومع ذلك فقد بحث هؤلاء في العقل بطريقة تأملية إجمالية في محاولة للتعرف عليه، وأين يقع، وكيف يعمل بشكل عام.
لم يجد هذا الفكر الدخيل قبولاً عاماً في المجتمع الإسلامي على أية حال، فقد ظهرت انتقادات بناءة للمنطق الأرسطي والفلسفة اليونانية، في محاولة جادة لتعديل مسار التيار الجارف للفكر الكلامي والعودة إلى علم الأصول الذي يهتم بالواقع. وقد كشف هذا النقد العلمي البناء عن تعالي المنطق والعقل بالمفهوم الفلسفي القديم وبالمفهوم الكلامي، وانه لا بد من تحطيم هذه الكبرياء الزائفة وإنزال العقل الفلسفي الكلامي هذا من عليائه إلى ارض الواقع وإخضاعه له، بدلاً من تركه يعوم ويسبح في الكليات الذهنية التي لا وجود لها في معترك الحياة.
وعلى الرغم من جدية هذا النقد وعمقه فإنه لم يؤثر كثيراً في نهضة هذه الأمة وعودتها إلى أصالتها، بل استمرت في انحدارها الفكري. ولو أن هذه الأمة انتبهت إلى هذا النقد المثمر لاختلف مسارها بشكل كبير.
استفاد مفكرو الغرب من هذا النقد العلمي البناء، وتمثلت هذه الاستفادة في التطبيق الفعلي، فقد أزاحوا جانباً تلك الأفكار القديمة ودرسوا العقل من ناحية واقعية، فدخل العقل في مشرحة علوم كثيرة منها علم الأحياء وعلم النفس والأعصاب والذكاء الصناعي والفلسفة الحديثة.
وقد أثمرت هذه النظرة الواقعية للعقل عن بحوث هائلة، تكشف لنا يوماً بعد يوم عن حقيقة العقل وقدراته وإمكانياته وتأثيره في الشخصية والحياة. كما كشفت هذه البحوث عن الطبيعة الكيميائية للعقل وأن التفكير هو تفاعلات كهروكيميائية تحدث في الدماغ، كما بين ذلك علم الأعصاب الذي يهتم بشكل أساسي بدراسة الجهاز العصبي والدماغ والكشف عن بنيته ووظيفته.
تركيب الدماغ ووظيفته
يبحث علم الأعصاب في الجهاز العصبي ولاسيما في بنية الدماغ ووظيفته. وعلم الأعصاب، كغيره من علوم المعرفة الحديثة، يعتبر أن العمليات العقلية تجري في الدماغ، ويبين لنا كيف يتمثل الدماغ المعلومات ويضيفها إلى الخبرة المتراكمة ليستفيد منها في تفكيرات متجددة.
يتكون الدماغ من أجزاء عديدة ولكل جزء وظيفته. يعتبر الحبل الشوكي نقطة الوصل ما بين الدماغ وباقي أعضاء الجسم، فهو يتحكم في الانعكاسات البسيطة ويمرر الإشارات العصبية ما بين الدماغ وأعضاء الجسم.
وفوق الحبل الشوكي يقبع النخاع المستطيل الذي يوجه الوظائف الحركية مثل دقات القلب والتنفس والهضم. بعد النخاع المستطيل يأتي المخيخ الذي ينظم موقع الجسم وحركته واتزانه. فوق المخيخ يقع النظام الحوفي الذي يشتمل على الغدة النخامية والوطاء (هيبوثلاماس) والحصين (هبوكامبس).
تنتج الغدة النخامية الهرمونات التي تنظم عمل الغدد الاخرى، ويتحكم الوطاء في الوظائف الحياتية كدرجة الحرارة والتفاعلات الكيميائية والجوع والعطش والعواطف المختلفة، في حين يتحكم الحصين في الذاكرة الطويلة الأمد. فوق النظام الحوفي يقع المخ الذي يوجه النشاطات العقلية العليا بما فيها اللغة والوعي والتفكير المجرد. تحتوي قشرة المخ على مادة بيضاء تملأ معظم حيزها، وهي خيوط وجدائل تربط خلايا الدماغ مع بعضها. فالدماغ أجزاء مترابطة تتكون من الخلايا والأسلاك العصبية أشبه بالشبكات الكهربائية والإلكترونية.
نقصان عقل المرأة
مع أن قضية العقل لا تزال موضع بحث ونقاش إلا أنها تبدو سهلة ميسورة عند الحديث عن عقل المرأة، على الأقل كما يبدو في نظر العلمانية التي تتهم الدين بأنه ينتقص من عقل المرأة. لكن ينبغي ألا تفرح العلمانية كثيراً، فقد سبق لعلماء الدين أن بحثوا في هذا الموضوع من قبل، ووجدوا التفسيرات والتأويلات المناسبة. فالإنسان، في نظر تيار الكلام والفلسفة القديمة، حيوان ناطق، والمرأة إنسان مثل الرجل.
دلت بحوث علم الأعصاب وعلم النفس على وجود فوارق بين أدمغة النساء والرجال وقدراتهم؛ فدماغ الرجل أكبر من دماغ المرأة في المتوسط، وعدد الخلايا العصبية عنده أكبر، كما أن حجم الهايبوثلاماس أكبر عند الرجل وهو المسؤول عن الاتزان الكيميائي في الجسم، لكن الهبوكامبس أكبر عند المرأة وهو المسؤول عن الذاكرة. كما دلت الأبحاث على وجود فوارق في القدرات العقلية تميل إلى تفوق الرجل في الحساب والمنطق، وتفوق المرأة في اللغة والتواصل والجماليات. ومن الناحية الوجدانية فإن الرجل يميل إلى العدوانية والاستقلال، وتميل المرأة إلى الانفعالية والتوافق الاجتماعي.
هذه الفروق لا تعمل في صالح العلمانية كما هو ظاهر، ومع ذلك وجدنا من تأثر بهذا النقد، وأخذ يدافع عن حديث ناقصات عقل، ويقول بأن الرسول عليه السلام كان يمازح النساء أو يهزر معهن، كما روج لذلك الداعية عمرو خالد وغيره. وقد كنت وجهت سؤالاً لهذا الداعية قلت فيه أن الرسول يمازح ولا يقول إلا حقاً، فهل ما قاله عن النساء حق أم لا؟ لكنه لم يجب عنه، ويبدو أنه سؤال صعب لا مخرج منه بالنظر إلى تبرير الممازحة هذا.
ورأيي في هذه المسألة أنه سواء وجدت فروق أم لم توجد فلا علاقة لها بعقل المرأة المشار إليه في الحديث، لأن العقل في اللغة هو الربط، وهي مسألة متعلقة بالخبرة والثقافة أكثر من تعلقها بالذكاء نفسه.
لا اله الا الله
سبحان الله
يعطيك العافية نرمين
تحيتي
هلا وغلا
دلع
سبحان الله
تحياتي
هلا
نرمين
الف شكر لك وتسلمي …
هلا
ساحر القلوب
شكرا على المشاركة
تحاتي