بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قدم الإسلام نظاما كليا، يعتني فيه بالجسد مثلما يعتني بالروح، في إطار تكامل بين ما هو روحي وما هو جسدي، يأخذ كل منهما مكانته الطبيعية اللازمة، ويؤدي دوره في حياة الفرد والمجموع.. ويؤسس لرؤية شاملة للحياة الدنيا بكل شئونها، في شقيها المادي والمعنوي، كما يؤسس لتنظيم علاقة الإنسان بالخالق.
وكان من الطبيعي أن ينشأ تاريخيا وفي فترة قصيرة نسبيا ذاك النسق من الفنون الذي ندعوه «الفن العربي الإسلامي»، وهو الفن الذي نشأ من تزاوج وتفاعل تاريخي بين المعطى العربي في الموضوع والمعطى الإسلامي، خصوصا بعد أن استطاع رجال الإسلام الأوائل أن يثبتوا أركان الدين كعقيدة توحيدية انبثقت من شبه الجزيرة العربية وامتد شعاعها نحو أقاصي العالم..
وبرز من اللحظات الأولى لنشوء هذا النمط من الفن، مدى الأثر الكبير الذي تركه عمق إيمان المسلم وعقيدته التوحيدية، حيث ظهرت البصمات الإيمانية في جميع الموضوعات الفنية التي أنتجها الفنان المسلم، ولعل الإشارة ضرورية إلى أن مرحلة النضوج والتبلور في الفن الإسلامي، بدأت منذ بدايات العصر الأموي، بعد أن أنجزت مرحلة الفتوحات الأولى، ودخلت في الدين مناطق غير عربية، كبلاد فارس وتركيا وأجزاء من آسيا وأفريقيا.. وبعد أن استقرت وتوطدت دعائم الدولة الإسلامية عبر عاصمتها الأموية دمشق، وذلك بعد أن حسمت مرحلة «الفتنة» لمصلحة الأمويين، وتكريس معاوية بن أبي سفيان، خليفة أمويا في دمشق للمسلمين عموما يبسط سلطانه على أجزاء واسعة من العالم.
وحقيقة لا نستطيع أن ننظر للفن الإسلامي بمعزل عن الدور المنوط به والمؤثرات الداخلية والخارجية التي تفاعلت في أتونه، وكذلك الأهداف والغايات العليا التي سعى لها الفنان المسلم.. وإذا كان الشق الجمالي، والقيمة الجمالية الإسلامية، التي امتلكها المنتج الفني الإسلامي، يعطي صورة عن إرادة الفنان المسلم على المستوى الشكلي.. فإن البحث في تفاصيل الموضوع الفني، وآلية الأداء، وكيفية تموضع التكوينات الفنية، سيوصلنا إلى تفحص الغايات العليا، السامية، والروحية. هذه الغايات التي كانت محرك ودوافع الفنان للعمل.. ومن ثم تحولت إلى هدف يسعى لخدمته وإيصال الملتقى لتلك الحالة.. الروحية السامية.
وفي هذا الجانب لابد أن نلاحظ أن الفنان المسلم وخصوصا العربي، دخل في مرحلة الفن الإسلامي دون أن يكون ممتلكا لتراث كبير وغني في مجالات الفن.. فما هو معروف عن العربي تلك البراعة الشعرية التي تجلت في الشعر الجاهلي وكانت بقية الفنون عند العربي بسيطة إلى حد ما.. سواء في ناحية المعمار والبناء والزخارف والرموز.. دون أن ننكر بالطبع وجود طراز من هذه الفنون تجلت عبر بعض الأبنية والأصنام والأنسجة.. ولكن هذا لم يمنع من تجلي عبقرية الفنان المسلم حيث سرعان ما استطاع أن يهضم أنماط الفن العالمية.. الأسيوية والأفريقية والأوروبية.. ويتمثلها بكل صنوفها، ويعيد إنتاجها بالروح والشكل الإسلامي.
من المعروف أن العرب يمتلكون ذهنية ديناميكية وذكاء عالياً برزا من خلال التراث الفني الذي تركوه للأجيال اللاحقة.. وتحققت من خلال التطور المذهل الذي حصل في فترة محدودة.. هي تلك الفترة الممتدة ما بين ظهور الدعوة الإسلامية ونهوض الحضارة الإسلامية على أيدي الأمويين.
ونستطيع الآن أن نتفحص في التراث الفني الغزير الذي أنتجه العرب المسلمون، ونحدد أبرز الملامح في هذا التراث، خصوصا من حيث سيطرة الكتابة في هذا الفن، لاسيما وأن الكتابة العربية تستطيع بذاتها أن تأخذ مكانها كنمط خاص له أشكاله وانحناءاته ودلالاته.. بحيث يمكن القول إنه لا يمكن إحلال أي شيء ما محلها.. فهي ترتبط بقدسية بارزة، باعتبارها لغة القرآن، وطبيعتها المقدسة هذه تظهر وتتجلى حتى في صورتها ونطقها.. لقد أخذت الكتابة العربية مكانها اللائق في طراز الفن الإسلامي بالإضافة إلى تشابكات «الأرابيسك».. خصوصا وأن التصوير في الفن الإسلامي يقابل بنمط من المنع والتحريم، ونحن ندرك إلى أي مدى كان يمكن للفن التصويري أن يملأ المساحات برسوماته حينذاك.. وفي غياب التصوير تأخذ الكتابة دورها في إملاء هذه المساحات بالمشاركة مع أشكال فنون «الأرابيسك» والزخرفة.
ولكن هل كان هذا هاجس الفنان المسلم؟.. وبمعنى آخر هل كانت الفراغات والمساحات من دون دلالات ومعان؟ أم أن الفن الإسلامي بما قدمه في هذا المجال كان يهدف نحو غاية محددة.. تتناغم مع الدور المروم له في سياق الحياة والدعوة الإسلامية؟ لاشك أن إجابة هذه الأسئلة تستدعي بداية القول بأنه لم يكن هاجس الفنان المسلم وهو يصنع أعماله أن يزرعها بالكتل اللونية أو التشكيلية الجمالية، وأن يغلق فضاءات اللوحة بكل ما يستطيعه من خطوط وتزيينات.. بل لعله ـ وهذا هو الأقوى ـ أنه قد ترك عمله الفني حافلا بثنائيات الكتلة والفراغ.. ففي الوقت الذي نجد سيطرة الخط والتشابكات الأرابيسكية في مجال ما، نجد بالمقابل سيطرة فراغية صامتة في مجال آخر.. على النحو الذي يكامل بين منطوق الكتل اللونية أو الزخرفية ومساحات الفراغ والصمت.
فعبر التشابكات والموتيفات الأرابيسكية والهندسية، ومن خلال امتلاك التوازن والتركيب، وتلك الحالة الإيقاعية، المتتابعة، وغير المنتهية، في تواصل وحدات الزخارف دون وجود بؤرة محددة بعينها، يمكننا أن نرى دلالات الوجود السرمدي الإلهي والذات الإلهية الباقية والأزلية.. والكون والوجود والعدم.
ورغم أن الأرابيسك يمتلك منطقه الزخرفي الخاص إلا أنه يأتي محاولا الاقتراب من الطبيعة ما أمكن، فالوقوف والتأمل في هذه الوحدات الإيقاعية المتعالية، يشابه حالة تأمل جدول ماء صاف رقراق.. إنها حالة شعورية متوالدة بسكونها وصمتها وهيبتها.. أو كتأمل شعلة شمعة تتماوج في المكان فتترامى بنورها على مساحة الرؤيا.. والأرابيسك حينئد يكون عبر نموه المنتظم وغير المحدود، أكثر قدرة على التعبير عن الإيقاع في نظام مرئي.. فالعين عبر تتبعها لتدفقات التشابكات والتضفيرات تترك المخيلة تتداعى في عالم كبير صامت أخاذ.. حال الأرابيسك في هذا كمثل حالة اللغة العربية التي تمتلك نوعا من السكونية السرمدية (التي تكشف عن نفسها في الجملة الاسمية) وترتكز على صيغ قصيرة موجزة وواضحة.. إنها نوع من الأرابيسك الذهني في ملفوظاته وفي صوره المتناثرة المتلاحقة. إنهما بطبيعتهما يخلقان ذاك الجو التأملي. والتأمل كما نراه هنا ليس محدودا بالأشكال البسيطة الساكنة، بل يستطيع أن يتكون عبر اقتفاء الوحدة، خلال الإيقاع الذي يشبه الانعكاس الوجودي الأبدي في فيض الزمن المتدفق.
وهذه التكرارات تجد نفسها في طرز الفن الإسلامي، دون الخوف على ما يبدو من الملل، فترى عمودا يقام فوق عمود، ورواقا يقود إلى رواق، وتتأسس التأملية هذه عبر هذه التعاقبات الإيقاعية، التي تكرر أشكالا معينة، في خلفية متكررة دائما، كذلك الأمر في خصوص الموضوعات التي تظهر على حصيرة الصلاة، أو سجاجيد المسجد، وأغلفة القرآن.. إنها سعي نحو امتلاك قيمة ميتافيزيقية سحرية.. وهذه الأشكال الفنية تثير المؤمن للتأمل في الغرض من الوجود، والممثل في هذا النعيم.. في الحياة الدنيا وعظمة الخالق.
والفن الإسلامي إذ ذاك لا يعدو أن يكون أكثر من الصمت التام، الصمت التأملي، وهو في هذه الحالة لا يعكس أفكارا بمقدار ما يغير وصفيا الأشياء المحيطة، ويضعها في تشارك وتوازن وتعادل حيث مركز الجاذبية غير مرئي. ليس من مركز محدود أو بؤرة معينة في طراز الفن الإسلامي.. إنها سيرورة تأملية متواصلة سيدها الصمت، لعلها تشابه الصحراء، التي هي أكثر مناسبة للتأمل.. بانتظام مشاهدها وتكرارها المتواصل الصامت.
ولكن هل هذه الكتل من الألوان والخطوط والتشابكات والتضفيرات تعارض التأمل الفراغي وتكسر حال السكينة والصمت؟ نجيب بالقول: على العكس من ذلك.. فنحن سنجد أن هذه الكتل من تزيينات بأشكال مجردة، تزيد وتعظم وترقي حالة التأمل، من خلال إيقاعها غير المكسور (المتسلسل والمنتظم)، ومن خلال نسيجها اللامتناهي، وهي بذلك تذيب حالة الثبات الذهني، وتضع الرائي في سيرورة تأملية من طراز عال، وهنا نستطيع القول أيضا إن وجود الرسوم في طراز هذا الفن (لو وجدت) لكانت مدعاة لتشتيت الانتباه وقطع سيرة التأمل والصمت.
على هذا النحو كان الفن الإسلامي في عبارة عن تلك الخطة داخل النظام المرئي، والتي تدفع للتسامي نحو التوحد مع الذات والحضور الإلهي، فهو بامتلاكه للقوة الراسخة، كان يمتلك أيضا سمات السكون التي هي أكثر مناسبة للفن الديني الذي محتواه ليس تجربة أو خبرة الظواهر، بل الانسياق في وعي سرمدي للكون.
لقد تكامل حضور الكتلة والفراغ في الفن الإسلامي لتأملية هذا الدور. ورغم أن بعض الأشكال الزخرفية التجريدية عمدت إلى تغطية السطوح كافة دون أن تترك أي فراغات بين الأشكال، بحيث لا تؤدي إلى انقطاعها، أو تفتيتها أو كسر تتاليها الإيقاعي، فالفكرة الرئيسة في الإسلام هي الوحدة التي توجد بشكل بدهي مع كل زمان وكل مكان.
وجاء الفن الإسلامي ليعبر عن هذه الوحدة، عبر الهندسة التي تترجم الوحدة إلى نظام مكاني، وعبر الإيقاع الذي يظهرها في نظام زمني وفراغي، ولم يعجز الفن الإسلامي عن ابتداع الأساليب المبتكرة الذكية لإضفاء هذا الجو، فقد عمدت التشكيلات في طراز الفن الإسلامي إلى تفتيت الضوء وتبديد ثقله وتشتيته في تدرجات ماهرة وتحكمت في ذلك. واستطاعت أن تمنح الكتل الكبيرة سماتها السكونية والإيقاعية، فنجد أن المقرنصات أخذت هذه السمات عبر العلاقة بين القبة والقاعدة، أو الكرة والمكعب، حيث يمكن أن نرجع إلى نموذجها الكوني بين السماء والأرض، فالسماء لها سمة الحركة اللانهائية، والأرض تستقطب التضادات، كالحرارة والبرودة، والرطوبة والجفاف.
فالأشكال التي تشبه قرص العسل في المقرنصات التي تربط القمة إلى قاعدتها، تأخذ صدى لحركة السماء في النظام الأرضي. وإنجاز هذه الأشكال على النحو الذي يدفع الإنسان لتأمل الواقع الإلهي، كان متفهما لضرورة أن يكون الشيء المتأمل متصورا في الجمال المدرك بواسطة الأحاسيس. فالشيء الفني هو الذي يمتلك الجمال الشكلي. أما الشيء التأملي فهو الذي يمتلك جمالا فيما وراء الشكل، وهذا ما أدركه الفنان المسلم بحيث عرف أن الإيقاع لا يخص الفراغ فقط، بل يخص الزمن، وهو ليس بالمقياس الكمي بل الكيفي، وإن الزمن يكون بواسطة التأمل والتفكير في الحركة، حيث يستقر الإيقاع في بعد مكاني.
وهكذا يمكن فهم التحكم القاسي في الفراغ، عبر رؤية العالم الإسلامية والكلية للمجتمع الذي نعيش فيه، بامتلاء من القانون الإلهي، لذلك كان فراغ الرسم أو المساحات السطحية، نادرا ما يكون حرا، بل عادة وغالبا ما يكون ينظم انعكاس النظام الكوني فيه.
يسسسسسسسلموو ع المجهود الرائع
وتستاهل الاشراف بكل جداره
تحيتي
هلا يهزمني الخجل
نورتي صفحتي بمرورك
تحيتي لك
يسسلموو ع المجهود الرائع
وتستاهل الاشراف بكل جداره
يعطيك الف عافيه يارب.
تحيتي
الله يعافيك ويسلمك غـــــــــــرور
ويسلموو على مرورك
تحيتي لك
الله يعطيكـ العافيهـ مساري
ع الموضووع والمعلومات
دمت بــــــــــووود
الله يعافيك بتول على مرورك
تحيتي لك
مشكور ويعطيك العافيه
مودتي
الله يعافيك امل على مرورك
تحيتي
وعليكمـ السلامـ ورحمهـ اللهـ وبركاتهـ
اللهـ يعطيكـ العافيهـ
تسلم مجهوود مميز,,,,,