اللهم اسقنا من الصبر أضعافا ..
الحمد لله الذي جعل للصابرين زحزحة عن النيران،
وفوزا بأعلى الجنان ، بجانب إمام الصابرين المصطفى العدنان،
وبجانب الأنبياء والمرسلين أمثال يوسف وأيوب عليهم السلام أجمعين.
إن في دار الابتلاء رسالة لكل مسلم ، تقول له :
" حافظ على ورقة امتحانك في الدنيا وأملأها صبرا في كل المواقف ،
ولا تنس قول ذي الجلال والإكرام في كتابه المبين:
" إنما يوفى الصابرين أجرهم بغير حساب ".
فكم من مبتلى في دنيانا سقي من الصبر أضعافا،
وكأنه جبل فولاذي ما انهار يوما أبدا،
ومن ذلك نماذج عديدة فكم من رجل صابر
على مرضه ينادي في جوف الليل بالدعاء لله أن يشفى تارة،
وتارة أخرى يلهج بدعاء الحمد لله..
وكم من مريض يجلس على أسرة الشفاء
وقد استؤصلت عدة أعضاء من جسده ، ولسانه لا يفتر عن ذكر الله
وكم من فقير يعاني من القلة ويحمد الله راضيا بما قسمه الله له.
وكم من مظلوم ينادي في جوف الليل بهداية من ظلمه ،
رغم انه في جوف الليل الاخيرالذي ينادي فيه الله تبارك وتعالى في علاه
" هل من داع فأستجيب له " هل من مظلوم فآخذ له حقه "
إلا انه اكتفى بالدعاء له بالهداية ، طمعا في اجر الصابرين
وطمعا في أجر العافين عن الناس .
وكم من زوج ابتلي بزوجة سيئة الخلق،
وما حمله على الصبر إلا طمعا في الأجر المخبأ له
عند ربه تبارك وتعالى في علاه.
وكم من زوجة ابتليت في زوج عاص ،
واتخذت ديدن الصبر نبراسا لها ،رغم الألم ,لأنها تعلم أن الصبر
عليه باب من أبواب الجنان.
وكم من والد ووالدة صبروا على أبناء عاقين لهم،
ولم يرفعوا أكفهم يوما لله، إلا بدعاء الهداية لهم،
خوفا على أبناءهم من عقاب الله، وطمعا في جنة الله
التي لن تحلو لهم إلا بوجود فلذات أكبادهم معهم.
وكم من أمهات فقدن أولادهم في حروب أو زلازل أو حوادث،
ربط الله على قلوبهم واتخذوا دعاء
" اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها"
ذكرا على الألسن في كل يوم، وطمعا بأعلى منزلة في الجنان.
هذه النماذج موجودة في دار المقامة التي نحيا فيها ،
موجودة بنفس المعنى مع اختلاف الشخوص ،
فهموا أن الحياة الدنيا قصيرة ،
قصيرة للغاية ، وجزاء صبرهم آت لا محال ،
لأنهم أضافوا إلى قلوبهم
وعقولهم نورا من نور آيات الله المتمثلة في الصبر،
قال تعالى :
" وبشر الصابرين ".
ولأنهم اتخذوا من نهج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ،
طريقا لقطف ثمار الصبر في الدنيا والآخرة ،
وطبقوا دعاءه عند الشدة ،ترتيلا ويقينا أن الفرج آت لهم
تماما كما ذاقه محمد صلى الله عليه وسلم عندما ذهب إلى الطائف
ليدعوهم إلى دين الله ، ورفضوا دعوته وجعلوا صبيتهم يقذفونه
بالحجارة وسال الدم من قدميه الطاهرتين،
حينها دعا بدعاء علمه لأمة الصبر من بعده
" اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وهواني على الناس
وأنت رب المستضعفين ،
وأنت ربي، إلى من تكلني إلى ضعيف يتجهمني ،
أم إلى عدو ملكته أمري ، إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي
إلا أن عافيتك أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات
وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحل علي غضبك ،
لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك " .
اللهم اسقنا من الصبر أضعافا حتى نعلم يقينا
أن ما عند الله خير وأبقى،
وآتنا من العافية ما يجعلنا لك من الشاكرين ،
وأدخلنا الجنة في أعلى عليين ،
إنك سميع مجيب الدعـاء ..