أمسك عليك لسانك
الأدلة على خطورة ومكانة اللسان
يقول الله -جل وعلا- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً)( ) وإذا قلنا قولا سديدا (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً).
يقول المصطفى في الحديث الصحيح " إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه " كلمة واحدة، ويقول أيضاً -كما في الحديث الصحيح- يقول المصطفى " إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقى لها بالاً يرفعه الله بها درجات " ويقول في حديث عبد الله بن مسعود " إن الرجل يصدق حتى يكتب صديقا " .
وأيضاً يقول كما أيضاً في هذا الحديث نفسه، ولكن برواية أخرى " إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب صديقا " .
أتريد يا أخي الكريم، وكيف لا نريد أن تكتب صديقا، عليك بالصدق، فإن الرجل لا يزال يصدق، ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا.
والمؤسف والمؤلم أنه من العبارات التي تشيع بين العامة يقال: فلان صدوق، مما يلمز به بعض الناس أنه ما يعرف لا يكذب، ولا يوري، صدوق المسكين اللي عنده يقول صراحة.
نعم هذا مما يؤسف له مع أنها تؤدي به إذا صدق إلى أن يكتب عند الله صديقاً، لكن هنا بعد أن بينا فضل استخدام -باختصار- هذا اللسان بالصدق، انظروا أثر استخدام اللسان بغير الصدق، بالكذب، أو في غير ما خلق له.
يقول الله -جل وعلا- (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ)( ) ويقول -جل وعلا- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ).
فأقول: مما ذكره الله -جل وعلا- عن مكانة هذا اللسان (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ)( ) (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ)( ).
انظروا إلى صفة المنافقين (فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ)( ) الله أكبر هذه الآية -كما تعلمون- نزلت في المنافقين على عهد الرسول وكأنها نزلت اليوم، والله إننا نسمع من كلام المنافقين والعلمانيين وأشباههم في لمزهم، وطعنهم في الملتزمين مثل ما كان يقول المنافقون، أو أشد في عهد الرسول (بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ).
يقول -جل وعلا- (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ)( ) ويقول -سبحانه- (وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ)( ) ويقول -سبحانه- (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)( ) ويقول -جل وعلا- (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)( ) ويقول -جل وعلا-: (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)( ) ويقول سبحانه (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ)( ) ويقول -جل وعلا- (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ)( ) كلهم في اللسان.
ويقول -سبحانه- (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ)( ) وفي آخر الآية (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا)( ) هذا استثناء، وإلا في الأصل، والغالبية هم أولئك الذين ينطبق عليهم هذا الوصف.
هذه بعض الآيات أما الأحاديث فكثيرة جداً منها حديث معاذ المشهور، عندما قال معاذ لما قال له الرسول " أمسك عليك هذا، قال يا رسول الله -يقول للمصطفى وهل نحن مآخذون بما نتكلم به يا رسول الله " ( ) ماذا قال له ؟ اسمعوا لهذا الحديث " ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم " ( ) وفي رواية " على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم " ( ) كأن معنى هذا الحديث الحصر، أي من أعظم ما يدخل الناس النار هذا اللسان.
ولذلك أيضا يقول وأنبه لهذا الحديث، والله لمكانته، ولكثرة غفلتنا عنه، " وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله، ما يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه " ( ) كلمة واحدة، كلمة، وأيضا وعن أبي هريرة قال سمعت رسول يقول " إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها -ماذا يحدث له؟- يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق " ( ) ما يتبين فيها يا إخوان، لا يلقى بها بالاً، إما نكتة، أو ضحكة ما ألقى لها بال، وفي رواية لمسلم " إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب " ( ).
الله أكبر، الله أكبر يا إخوان، إذا كانت كلمة، ولم يتبين فيها يهوى بها في النار سبعين خريفا، يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب، يكتب الله بها عليه سخطه إلى يوم يلقاه، كيف بالكلمات التي يتبين فيها، ويقولها عامداً قاصداً؟ كيف يكون عقابه؟ كيف يكون ذنبه؟، ولذلك قال الرسول " لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم " ( ).
تذكروا هذا الحديث -أيها الإخوة-، وفي حديث ابن مسعود عن المصطفى أنه قال " وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا " ( ).
وفي حديث سمرة الطويل الذي رواه البخاري في رؤيا النبي وفي آخره قال " قلت طوفتماني الليلة فأخبراني عما رأيت -يقول للملكين- قالا: نعم، أما الذي رأيته يشق شدقه فكذاب، يحدث بالكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق، فيصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة " ( ) وفي رواية البخاري أنه قيل للنبي " وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق " ( ).
أرأيتم خطورة هذا الأمر؟، ولذلك قال " ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب ويل له ويل له " ( ).
كنت في مجلس في يوم من الأيام، وكان فيه رجل يتطلع إليه أهل المجلس كلما قال كلمة ضحك له الناس، فلما رأيت هذا الأمر قلت له: يا فلان إنني أنصحك بنصيحة فاسمعها مني، قال: هات، فقلت له، وهي من ثلاث كلمات؛ الكلمة الأولى: قلت له -عفوا قبل الكلمة الأولى قلت أن تسري عن إخوانك، وأن تؤنسهم فهذا لا بأس به، ولكن انتبه إلى ثلاث كلمات، قال: هات، قلت: الأولى إياك أن تقع في عرض مسلم في غيبة، أو نميمة، قال: هذا، والحمد الله أتجنبه في حديثي، قلت: الحمد الله، قلت: أما الثانية إياك أن تتكلم بكلام فيه إسفاف؛ لأن هذا أكثر ما يضحك الناس، قال: وهذا والحمد الله لا أقوله، قلت: أما الثالثة فإياك أن تكذب من أجل أن تضحك الناس، قال: أما هذه فلا أقدر عليها، ثم التفت على من في المجلس، وقال لهم: هو يخاطبني، ولكنه يقول لكم: إياك أعني، واسمعي يا جارة.
وصدق كنت أعنيه، ومن معه، ولذلك أن الرسول يدرك خطورة الكذب، وبخاصة في إضحاك الناس، وفي المزح جاء هذا الحديث " ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب ويل له ويل له " ( ).
وهذا كثير جداً خاصة إذا اشتهر الإنسان بأنه يضحك الناس، يصبح هذا قوته، كما أن الإنسان الكريم إذا عرف بين الناس أنه كريم فإذا وفد إليه قوم، وهو كريم لو لم يكن عنده مال ماذا يحدث؟ يستدين من الناس، ويتحمل الديون الكثيرة؛ لأنه عرف بهذا الشيء فيبقى على صفته، وعلى كرمه.
الذي تعود أن يضحك الناس الحقائق قليلة الصدق قليل، فإذا خلص الصدق بدأ الكذب حتى يحافظ على الصفة التي اشتهر بها في إضحاك الناس، وهكذا.
ولذلك ورد حديث فيه مقال، وصححه بعض العلماء يقول الرسول فيما روي عنه أقول: روي عن الرسول " لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله -تعالى- القلب القاسي " ( ) ويقول " من يضمن لي ما بين لحييه، وما بين فخذيه أضمن له الجنة " ( ).
وأخيرا أختم بهذا الحديث الذي بدأنا به، أي أختم خطورة الكلام مما ورد في الآيات والأحاديث بقوله لعقبة ابن عامر " عندما سأل الرسول ما النجاة؟ فقال له المصطفى أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك " ( ).
هذا -أيها الإخوة- بعض ما ورد من آيات، وأحاديث عن مكانة، وعن خطورة هذا اللسان
ميسو طررح بقمة ـآلروعة
تسلم اديكي يـآآرب
بارك الله فيكي مرورك اسعدني تقديري الك
جزاكي الله كل خير
يسلمو ع الطرح الرائع
مودتي ~
بارك الله فيك طرح رائع
تحياتى الك
بارك اللة فيكي اختي
وجعلة بميزان حسناتك
ارق تحياتي
مجهود رائع
مشكوره اختي
دمت بحفظ الرحمن
بارك الله فيكم مروركم اسعدني
تقديري الكم